الجميلة والوحش

الجميلة والوحش

beauty and the beast


في قديم الزمان، كان هناك تاجر طيّب يعيش مع أولاده الثلاثة وبناته الثلاث. وكانت أصغر بناته تُدعى جميلة، لأنها لم تكن فقط جميلة الوجه، بل كانت طيبة القلب، مهذبة، ومُحبة للقراءة والخيال.

في أحد الأيام، خسر التاجر كل أمواله في البحر، واضطر للانتقال مع أسرته إلى كوخ صغير في الريف. ورغم قسوة الحياة الجديدة، كانت جميلة دائمًا تبعث الأمل في نفوس الجميع بكلماتها الطيبة وابتسامتها الدائمة.

الهدية الغامضة

ذات صباح، وصل إلى التاجر خبر بأن إحدى سفنه قد نجت من العاصفة، وتحمل بعض البضائع الثمينة. فقرر الذهاب إلى المدينة ليرى ما يمكن إنقاذه. قبل رحيله، سأل أولاده وبناته إن كانوا يرغبون بشيء.

طلب كل واحد منهم شيئًا غاليًا... إلا جميلة، فقالت بهدوء:
"أبي العزيز، إن كنت سترى وردة حمراء، فقط اجلب لي واحدة."

ابتسم الأب وودعهم. لكنه حين وصل إلى الميناء، اكتشف أن البضائع قد نُهبت، وعاد خائبًا. في طريق العودة، ضلّ طريقه وسط الغابة، حتى وجد قصرًا رائعًا مخفيًا بين الأشجار. كان القصر مهجورًا لكن الطعام فيه جاهز والسرير دافئ. فدخل ليستريح.

الوحش يظهر

في الصباح، رأى حديقة القصر مليئة بالأزهار، فتذكّر طلب جميلة، فقطف وردة حمراء. وفي تلك اللحظة، سمع زئيرًا مرعبًا!

ظهر وحش ضخم له أنياب ومخالب وعيون مشتعلة، صاح:
"كيف تجرؤ على سرقة وردتي؟ سأجعلك تدفع الثمن!"

ارتعد التاجر وشرح له أنه لم يقصد السرقة، بل أراد وردة لابنته الصغرى. هدأ الوحش قليلاً، وقال:
"إن كانت ابنتك تحبك حقًا، فلتأتي هي وتعيش مكاني في القصر... وإلا ستدفع الثمن."

عاد التاجر حزينًا، وحكى لأبنائه ما جرى. فشعرت جميلة بالذنب، وقالت:
"أنا السبب، وسأذهب إلى القصر بنفسي. لا تقلق يا أبي، لن يؤذيني."

في قصر الوحش

ذهبت جميلة إلى القصر. وهناك، استقبلها الوحش بنفسه. لكنه لم يؤذها كما ظنّت، بل عاملها بلطف، وسمح لها بالتجوّل في القصر الضخم، حيث وجدت مكتبة عملاقة، وحديقة ساحرة، وغرفًا مليئة بالعجائب.

كل مساء، كان الوحش يأتي ليتناول العشاء معها ويسألها:
"هل تحبينني يا جميلة؟"
فكانت تبتسم وترد بلطف:
"أنت طيب القلب، لكن لا أستطيع أن أحبك."

مرت الأيام، وأصبحت جميلة ترى الجمال في قلب الوحش. لم يعد مرعبًا كما بدا في البداية، بل كان عطوفًا، صبورًا، ووحيدًا.

العودة إلى البيت

ذات يوم، طلبت جميلة من الوحش أن تزور والدها المريض. فسمح لها، بشرط أن تعود خلال سبعة أيام. أعطاها مرآة سحرية لترى من خلالها ما يجري في القصر، وخاتمًا يعيدها في الحال.

عادت جميلة إلى بيتها، ففرح الجميع برؤيتها. لكن إخوتها، غاروا منها، وحاولوا تأخيرها عن العودة. في اليوم السابع، نظرت إلى المرآة، فرأت الوحش مُلقى على الأرض في الحديقة، يتألم من الحزن!

صرخت جميلة:
"لااا! لقد وعدته!"
وضغطت على الخاتم، فعادت فورًا إلى القصر، وركضت إلى الحديقة.

وجدت الوحش هناك، يحتضر، فجلست إلى جانبه تبكي:
"لا تتركني! أنا أحبك... أحبك من كل قلبي!"

وفجأة، انطلقت أضواء سحرية في المكان، وتحول الوحش إلى أمير وسيم! لقد كُسر السحر الذي جعله وحشًا، لأنه وجد من يحبه رغم مظهره.

قال الأمير مبتسمًا:
"لقد أنقذتِني يا جميلة، بحبك الصادق."

نهاية سعيدة

عادت جميلة والأمير إلى المملكة، وأقيم حفل زفاف رائع حضره الجميع. وعاشا معًا بسعادة وسلام، يحكمان بالعدل، وينشران الحب في أرجاء المملكة.

وأصبحت قصة "الجميلة والوحش" رمزًا لأن الجمال الحقيقي لا يُقاس بالمظهر، بل بما في القلب.

Post a Comment

أحدث أقدم