رد الإمام على الأمير

رد الإمام على الأمير


The imam replied to the prince


في أحد المساجد الكبرى، كان هناك إمام اشتهر بين الناس بخشوعه وتدبره في الصلاة، لكنه كان يُطيل القراءة في كل ركعة، مما جعل البعض يشتكي من ذلك، خصوصًا إذا ضاق بهم الوقت أو ضعفت أجسادهم.

وذات يوم، حضر أحد الأمراء الكبار ليصلي خلف الإمام، وكان الأمير لا يطيق الإطالة، فلما انتهت الصلاة، التفت إلى الإمام مستنكرًا وقال له أمام الناس:

– يا هذا، خفف من صلاتك، فقد أطلت كثيرًا، اقرأ في كل ركعة آية واحدة، وكفى!

تأمل الإمام كلمات الأمير، ولم يرد عليه مباشرة، بل قرر أن يجيبه بطريقته الخاصة، وفي موضع يليق بالمقام والمقال.

وفي اليوم التالي، حضر الأمير مرة أخرى إلى المسجد، ووقف خلف الإمام للصلاة، وقد عقد الإمام نيته أن يرد لكن من داخل الصلاة، لا من خارجها.

كبر الإمام وبدأ الصلاة، وبعد أن انتهى في الركعة الأولى من قراءة سورة الفاتحة، قرأ الآية الكريمة:

"وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا"

ثم ركع وسجد، وأتم الركعة الأولى.

وفي الركعة الثانية، وبعد أن فرغ من الفاتحة، تلا الإمام هذه الآية:

"رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا"

فأتم الركعة الثانية، وأنهى الصلاة بالتسليم.

وما أن انتهى الإمام من الصلاة حتى ناداه الأمير وقال له

– يا هذا! طوّل ما شئت، واقرأ من القرآن ما تشاء... لكن بالله لا تعد إلى هاتين الآيتين!

فهم الأمير مراد الإمام،

 إذ أن الآيتين كانتا في صميم الموقف، تُشير إلى من يتبع الكبراء دون تدبر، ويُحمّلهم وزر الضلالة. فكانت إجابة الإمام مؤدبة، ذكية، وقوية في آنٍ واحد.

Post a Comment

أحدث أقدم