فِي قَرْيَةٍ هَادِئَةٍ بَيْنَ الرِّمَالِ وَالنَّخِيلِ، كَانَ يَعِيشُ جَمَلٌ يُدْعَى جَمِيل. جَمِيل لَمْ يَكُنْ جَمَلًا عَادِيًّا، بَلْ كَانَ يُحِبُّ الصَّبْرَ وَالْعَمَلَ بِدُونَ شَكْوَى.
كَانَ جَمِيل يُسَاعِدُ السيَّاحَ الَّذِينَ يَزُورُونَ الْقَرْيَةَ، وَيَحْمِلُ أَحْمَالَهُمْ فِي رِحْلَاتِهِمْ فِي الصَّحْرَاءِ الْوَاسِعِ. كَانَ السَّيَّاحُ يَفْتَخِرُونَ بِهِ وَيُثْنُونَ عَلَى صَبْرِهِ وَقُوَّتِهِ.
وَفِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، وَصَلَ إِلَى الْقَرْيَةِ رَجُلٌ غَرِيبٌ يَدْعُوهُ السيَّاحُ "السيَّاحُ العَجُولُ"، لِأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُسْرِعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ: "أُرِيدُ أَنْ أَسْتَكْشِفَ الصَّحْرَاءَ، وَلَا أُرِيدُ أَنْ أَتْبَعَ الطُّرُقَ البَطِيئَةَ. أُرِيدُ أَنْ أَذْهَبَ سَرِيعًا."
فَقَالَ لَهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ: "لَا تَسْتَعْجِلْ، فِي هَذِهِ الصَّحْرَاءِ، الصَّبْرُ هُوَ مَفْتَاحُ الْخَيْرِ. لَكِنَّنَا نُرِيدُ أَنْ نُرِيَكَ جَمِيلَ الْجَمَلِ، الَّذِي يُعْتَبَرُ أَصْبَرَ حَيَوَانٍ."
فَقَرَّرَ السيَّاحُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيلَ مَعَهُ. وَفِي بَدْءِ الرِّحْلَةِ، كَانَ السيَّاحُ يُرِيدُونَ الْجَرْيَ بِسُرْعَةٍ، فَكَانُوا يُطْلِبُونَ مِنْ جَمِيلَ أَنْ يُسْرِعَ.
وَجَمِيلُ الصَّبُورُ لَمْ يَشْكُ مِنْهُمْ، بَلْ كَانَ يُمْضِي بِثِقَةٍ وَصَبْرٍ، وَيَقُولُ لِنَفْسِهِ: "الصَّبْرُ هُوَ السِّرُّ لِلنَّجَاحِ."
وَفِي وَسَطِ الرِّحْلَةِ، تَعِبَ الْجَوَادُ الَّذِي رَكِبَهُ أَحَدُ السيَّاحِ، وَتَوَقَّفَ عَنِ الْمُضِيِّ قُدُمًا. أَمَّا جَمِيلُ فَاسْتَمَرَّ بِالْعَمَلِ وَالسَّيرِ بِثِقَةٍ.
عِنْدَمَا وَصَلُوا إِلَى وادٍ جَافٍ، وَقَفَ جَمِيلُ لِيَرْتَاحَ قَلِيلًا، قَالَ السيَّاحُ: "نَحْنُ لَوْ لَمْ نَكُنْ مَعَ جَمِيلَ الصَّبُورِ، لَمَا وَصَلْنَا بِأَمَانٍ."
فِي نِهَايَةِ الرِّحْلَةِ، وَصَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنْتَهَى وَكُلُّ سَيَّاحٍ شَكَرَ جَمِيلًا، وَتَعَلَّمُوا مِنْهُ أَنَّ الصَّبْرَ هُوَ أَفْضَلُ طَرِيقٍ لِلنَّجَاحِ.
الْعِبْرَةُ:
الصَّبْرُ وَالثِّقَةُ فِي الْقَلْبِ تُسَاعِدَانِكَ عَلَى تَخَطِّي أَصْعَبِ الْمَصَاعِبِ وَتَحْقِيقِ أَحْلَامِكَ.
إرسال تعليق