الأميرة القاسية
في إحدى الممالكِ البعيدةِ، كان هناكَ أميرٌ صغيرٌ يُدعى كوسا. عُرِفَ الأميرُ برجاحةِ عقلهِ، وإحسانه، وحُبِّه للخيرِ، وكانَ أيضًا بارعًا في فنونِ الحربِ والعزفِ. فذاعَ صيتُه بينَ الناسِ، وأحبه الجميعُ، صغيرًا وكبيرًا.
كانَ الناسُ يعتقدونَ أنَّ الأميرَ أسعدُ الناسِ لما يمتلكُه من صفاتٍ فريدةٍ، ولكنَّ الحقيقةَ كانت على العكسِ، فقد كان دائمَ الشكوىِ، ويعاني من الهمِّ والحزنِ، لا يهنأُ بطعامٍ أو شرابٍ أو نومٍ. وسببُ حزنه كانَ شكله القبيحَ الذي لم يوجدْ أقبحُ منه في المملكةِ. لكنَّ الناسَ نسوا قباحةَ خُلُقه، ولم يذكروا إلا جمالَ أفعاله وأخلاقه.
وعندما كبرَ كوسا، أرادَ والدُهُ تزويجه، لكنَّ الولدَ رفضَ ذلك بشدةٍ، وقال لأبيه: «لا أحدَ سيقبلُ بي بسببِ شكلي». وبعدَ إلحاحِ الوالدِ عليهِ بالزواجِ، دبّرَ الابنُ حيلةً تُخلّصه من إلحاحِ والده، فصنعَ تمثالًا ذهبيًّا باهرَ الجمالِ، وقال لأبيه: «إذا وجدتم امرأةً كهذا التمثالِ، سأَتزوجُها في الحالِ».
أرسلَ الملكُ الرُّسلَ والرجالَ للبحثِ عن الفتاةِ الفاتنةِ التي تشبهُ التمثالَ. مضت الأيامُ والأشهرُ والسنونُ، ولا زال الملكُ يبحثُ لابنه عن فتاةٍ تشبهُ التمثالَ الذهبيَّ. وفي يومٍ، علمَ رُسلُ الملكِ بوجودِ ملكٍ لديه ابنةٌ شبيهةٌ بالتمثالِ الذهبيِّ، فذهبوا إليهِ وأخبروه بنيّةِ ملكهم تزويجَ ابنِه الأميرِ كوسا من ابنتِهم. فرحَ الملكُ بالخبرِ، وأرسلَ موافقته على الزواج.
حزنَ الأميرُ كوسا على موافقةِ الأميرةِ على الزواجِ به، وقال لأبيه: «عندما تَراني، ستَنفُرُ من رؤيتي». لكن طمأن الملكُ ابنه بأنَّ هناك عادةً قديمةً لديهم، وهي أن لا تَشاهدَ العروسُ وجهَ عريسها إلا بعد سنةٍ كاملةٍ من الزواجِ، ولكنَّها سترى وجهَهُ في غرفةٍ مظلمةٍ فقط. وأخبر ابنه أن بعد هذه السنة ستكونُ الأميرةُ قد تعلّقتْ به وأحبَّته، ولن يُهمّها شكلهُ ومظهره.
تزوّج الأميرُ كوسا من الأميرةِ، وكان لا يشاهدُها إلا في غرفةٍ مظلمةٍ. مرّت الأيامُ، وتعلّقت الأميرةُ بالأميرِ وأحبَّته، وبعد أشهرَ قليلةٍ، أفصحت له عن رغبتها في رؤيته، وكانت تظنُّ أنها لن ترى أجمل منه. لكن الأميرَ رفضَ ذلك وطلب منها الانتظارَ لسنةٍ كاملةٍ.
لم تستطع الأميرةُ الانتظارَ طويلًا، فتحيّنت فرصة خروجِ الأميرِ بموكبه إلى خارجِ القصر، وشاهدته، ولكن عندما رأته صُدمت وتفاجأت، وعزمت على العودةِ إلى موطنها بسببِ شكله القبيحِ. فعلاً عادت الأميرةُ إلى موطنها.
حزنَ الأميرُ حزنًا شديدًا لفراقِ زوجته، وقررَ أن يتخفّى ويذهب إلى مكانِ إقامةِ الأميرة. عندما وصل إلى قصرها، بدأ يعزفُ ألحانًا جميلةً بالقربِ من القصر، فلم يعرفه أحدٌ سوى الأميرة، فاعتقدت بأنه آتٍ إليها ليجبرها على العودةِ معه، ولكنه في الحقيقة أراد أن تعودَ بمحض إرادتها.
بدأ الأميرُ يتعلّمُ صناعةَ الخزفِ، وبعثَ بثمانيةِ أقداحٍ كهديةٍ لبناتِ الملك، ففرحنَ جميعهنّ بالهدية، ما عدا زوجةُ الأميرِ كوسا التي عرفت أن الأقداحَ من عمل زوجها، فطلبت من الخدمِ إرجاعَ القدح إلى صاحبه. حزن الأميرُ لذلك، وعرف أنَّها لا تزال تُبغضه.
لم ييأس الأميرُ وفكر في خطةٍ أخرى، فعمل خادمًا في قصر الملك، ثم أصبح طاهيًا يعدُّ أشهى الطعامِ. أمرَ الملكُ كبيرَ الطهاة أن يُعطي الشابَّ مكافأةً مجزيةً، وأمره أن يكون طباخًا له ولبناته.
دخلت الأميرةُ المطبخَ يومًا، وشاهدت زوجها يطبخ، فعرفتْه، وأمرتْه ألا يطهو أي شيءٍ لها بعد اليوم. هنا شعر الأميرُ باليأسِ الشديد، وتأكد أنَّ الأميرةَ لا يهمها إلا المظاهرُ، فقرر العودة إلى وطنه غير آسفٍ عليها.
فجأةً، وهو يهمُّ بالمغادرة، سمعَ أنَّ سبعةَ ملوكٍ سيشنون حربًا على الملكِ صهره، لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يريدُ الزواجَ بالأميرةِ الجميلةِ زوجةِ كوسا. فقال الملك في نفسه: لو أنَّ ابنته بقيت مع زوجها كوسا لما حصلت هذه المصائب.
استدعى الملكُ مستشاريه، وأمرهم أن يجدوا حلاً لذلك، فقالوا له: الأميرةُ هربت من زوجها، وهي تعرضُ حياةَ أفرادِ المملكةِ للخطر، والحلُّ هو تقطيعُها إلى سبع قطع، وإعطاءُ كلِّ ملكٍ قطعةً منها، وبذلك تُسلمُ الدولةُ من الحرب.
عندما سمع كوسا بذلك، ذهب إلى الملكِ وعرّف نفسه، وحكى له قصته، وطلب منه أن يواجه هو مع جيشه الملوكَ السبعةَ.
وافق الملكُ على ذلك، فقام كوسا بمواجهةِ الملوكِ وأسرّهم جميعًا، وطلب من الملك أن يزوّجَ بناته السبعةَ لهؤلاء الملوكِ السبعةِ، فرحّبَ الملك بذلك، وتزوجت الأميراتُ الملوكَ السبعة.
وأما الأميرةُ القاسيةُ، فقد بقيت وحيدةً، وجلست تتحسّر وتندبُ حظّها العاثر، وشعرت بالندم الشديد على ما فعلته بالأمير كوسا، وتمنت لو أنه يغفر لها فعلتها.
لكنها ما لبثت أن شعرت بالفرح يغمرها عندما استدعاها الأمير كوسا، فأعربت له عن ندمها الشديد لما فعلته في حقه، وأنها تتمنى لو أنه يسامحها، فسألها الأميرُ إن كانت توافق على العودةِ معه، فوافقت على العودةِ، وهي تراه في أجملِ منظرٍ.
فتبدّل احتقارُها إجلالًا، وكبرياؤها تواضعًا، وأصبحت تراه في أجمل منظرٍ وأحسن مظهرٍ.
أسئلة اختيار من متعدد لفهم القصة:
1. لماذا كان الأمير كوسا حزينًا رغم صفاته الجميلة؟
أ. لأنه كان مريضًا
ب. لأنه لم يكن يملك المال
ج. لأنه كان قبيح الشكل
د. لأنه فقد صديقه
2. ماذا اشترط كوسا على والده ليقبل بالزواج؟
أ. أن يتزوج من أميرة ذكية
ب. أن تكون العروس من قريته
ج. أن تشبه تمثالًا ذهبيًّا
د. أن تكون تحب الموسيقى
3. ما العادة التي ساعدت كوسا في بداية زواجه؟
أ. أن العروس لا ترى زوجها أبدًا
ب. أن لا ترى العروس وجه زوجها إلا بعد سنة
ج. أن يخرج الزوج يوميًّا من القصر
د. أن تتحدث العروس مع زوجها عبر الستار
4. كيف عرفت الأميرة أن صانع الأقداح هو الأمير كوسا؟
أ. رأت اسمه مكتوبًا عليها
ب. أخبرها الملك
ج. تميّزت بأسلوبه المعروف
د. كانت قد شاهدته يصنعها
5. ماذا قرر المستشارون عندما علموا بهجوم الملوك السبعة؟
أ. إعداد الجيش للقتال
ب. تزويج الأميرة لأحد الملوك
ج. تقطيع الأميرة وإعطاء كل ملك قطعة
د. الهروب من المملكة
6. ماذا طلب كوسا بعد أن انتصر على الملوك السبعة؟
أ. أن يُصبح ملكًا عليهم
ب. أن يعفو الملك عن الأميرة
ج. أن يُزوّج بنات الملك للملوك الأسرى
د. أن يسجنهم في قصره
7. كيف تغيّر موقف الأميرة في النهاية؟
أ. ازدادت قسوة
ب. بقيت على عنادها
ج. اعتذرت وتواضعت
د. انتقمت من كوسا
إرسال تعليق