جُحا وجُبّة القاضي السكير



في أحد الأيام، وفي بلدة صغيرة كان يعيش فيها جُحا، كان هناك قاضٍ غريب الأطوار. كان هذا القاضي معروفًا بحبه للمشروبات حتى يفقد وعيه أحيانًا. وذات صباح مشمس، قرر القاضي أن يخرج في نزهة إلى المزارع القريبة، ولكن ما إن وصل هناك حتى شرب كثيرًا من النبيذ، فغلبه السكر ووقع على الأرض، ثم خلع جبته الفاخرة وعمامته الثقيلة ورماهما على جانب الطريق دون أن يشعر!

وفي الوقت نفسه، كان جُحا يتجول في المزارع مستمتعًا بالهواء النقي والعصافير المغردة، حتى لمحت عيناه مشهدًا غريبًا... رجل سكران مستلقٍ على التراب، يرتجف تحت حرارة الشمس، وثيابه ملقاة إلى جانبه. اقترب جُحا بحذر، ووجد أن الرجل لا يشعر بشيء على الإطلاق.

فكر جُحا وقال لنفسه: "هذه الجبّة ستتلف إن تُركت هنا... سأرتديها ."

أخذ الجبة وارتداها، وكانت واسعة عليه لكنها أنيقة، ثم مضى في طريقه.

وعندما أفاق القاضي من غفوته المرتبكة، مدّ يده يتحسس رأسه فلم يجد عمامته، ومدّ نظره فلم يجد الجبة! غضب غضبًا شديدًا وعاد مسرعًا إلى المدينة، وأمر حاجبه الأمين أن يبحث عن اللص الذي تجرأ وسرق جبته.

بدأ الحاجب في البحث في الطرقات والأسواق، حتى لمح جُحا يسير بكل هدوء وهو يرتدي الجبة. أمسك به وساقه إلى مجلس القاضي، وهناك وقف جُحا بشجاعة أمام الجميع.

قال له القاضي بغضب: "من أين لك هذه الجبة؟!"

ابتسم جُحا وقال بهدوء: "كنت بالأمس في المزارع مع أصدقائي، فوجدت رجلًا سكرانًا مرميًا على الأرض، لا يعرف اسمه ولا مكانه، وقد خلع جبته ورماها، فأخذتها حتى لا تُسرق أو تتلف. وإن أردت، أستطيع أن أُحضر شهودًا ليؤكدوا كلامي، بل وأريك من هو هذا الرجل بنفسه."

احمرّ وجه القاضي خجلًا، ونظر إلى الحضور ثم قال بتلعثم: "لا نريد أن نعرف من هو ذاك الرجل، فقد تكون الجبة لك الآن... ارتدها كما تشاء!"

ضحك الجميع، بينما غمز جُحا بعينه وهمس: "في بعض المرات... الجبة تحكم أكثر من صاحبها!"

Post a Comment

أحدث أقدم