في قريةٍ هادئة بين التلال، كان يعيش رجل طيب ومرح يدعى جُحا. وكان لجُحا خروف سمين لطيف ربّاه منذ كان صغيرًا، فكان يُطعمه بيده، ويدلله كما لو كان صديقًا قديمًا. كبر الخروف كثيرًا حتى أصبح لا يقدر على الجري، لكنه ظل الرفيق الأقرب إلى قلب جُحا.
كان الجيران يرونه كل يوم ويقولون مبتسمين:
— "يا شيخ جُحا، ألا تذبح لنا هذا الخروف العزيز؟! نصنع به وليمة نُسعد بها الجميع!"
لكن جُحا كان يهزّ رأسه بحزن ويقول:
— "يا أبنائي، هذا الخروف سلوتي في وحدتي... ألا ترونه كثيرًا عليّ؟ إن كلماتكم تجرح قلبي."
ولأن حبّه للخروف كان صادقًا، أدرك الجيران أنه لن يسمح بذبحه أبدًا... فاتفقوا في الخفاء على سرقته! وفي إحدى الليالي، تسللوا إلى حظيرة جُحا، وسرقوا الخروف، وذبحوه، وأقاموا به وليمة لأنفسهم!
عندما علم جُحا بما حدث، تظاهر بعدم الاكتراث، لكنه في داخله كان حزينًا ومجروحًا. ومع ذلك، لم يغضب بصوت عالٍ، بل بدأ يُراقب ويتحرى، حتى عرف من سرق خروفه... وكان من بينهم جارٌ بخيل يملك نعجة صغيرة!
ومرّت الأيام، وذات صباح، اغتنم جُحا فرصة غياب الجار، فأخذ النعجة وأكلها دون أن يترك أثرًا.
حزن الجار البخيل على النعجة كثيرًا، وأخذ يبكي ويصفها أمام الجميع قائلًا:
— "آه من نعجتي! كان صوفها كالحرير، أبيض كالثلج، وجلدها من أندر ما يكون... كانت نعمة لا تُقدّر بثمن!"
وكان جُحا يستمع في صمت، يتألم داخليًا وهو يتذكّر خروفه المسكين.
وذات مساء، اجتمع الجيران في مجلس عند جُحا، وجلس بينهم ذلك الجار. وبينما الحديث يدور، عاد الجار يتغنى بنعجته ويُبالغ في وصفها قائلًا:
— "كانت جمالًا في القدر، وبياضًا في اللون... ما أعظمها من نعجة!"
ضحك جُحا وقال:
— "كفى مبالغة! دعنا نتحقق من الأمر!"
ثم نادى ابنه قائلًا:
— "يا بني، اذهب إلى بيت المؤونة، وأحضر جلد تلك النعجة التي يصفها جارنا… لنرَ معًا إن كان صوفها أبيض كالثلج أم رماديًا، وإن كانت عظيمة كالناقة أم بحجم هرّة!"
ذهب الغلام وعاد بالجلد، فلما رآه الناس، أدركوا الحقيقة... أما الجار فأسقط في يده، وفهم أن جُحا قد انتقم، واستبدل خروفه بنعجته!
ضحك الجميع، وقال جُحا:
— "يا جيراني، من سرق خروفي... أكلتُ نعجته ردًّا لاعتباري!"
إرسال تعليق