جُحا والجنازة الغريبة



في أحد الأيام، كان جُحا يتجول في شوارع قريته بهدوء وهو ينشد لحنًا قديمًا، حاملاً سِلّته الصغيرة في طريقه إلى قرية مجاورة. وبينما هو على هذا الحال، اعترضه مجموعة من الشبان المرحين.

قالوا له مازحين: — "إلى أين أنت ذاهب يا جُحا؟"

فردّ ببساطته المعتادة: — "إلى القرية، لقضاء بعض الحاجات."

ضحك أحد الشبان وقال بنبرة حزينة: — "آه يا مسكين، يبدو أنك لا تعلم بعد... لقد مِتّ! ولا بد أن نجهزك للدفن."

توقف جُحا في مكانه، وفتح عينيه بدهشة! ثم حك رأسه وقال: — "أرجو أن يكون هذا مجرد مزاح... لكنكم تبدون جادين!"

اقتربوا منه برفق، واصطحبوه إلى المسجد، وهناك بدأوا يستعدون لتغسيله كما لو كان حقًا قد فارق الحياة!

وقف جُحا مذهولًا لكنه قال في نفسه: "حسنًا... لعلّها مزحة كبيرة، أو حلم غريب!"

وفي تلك اللحظة، مرّ أحد أصدقاء جُحا، فاستوقفه الشبان وقالوا له: — "تفضل، احضر جنازة صديقك جُحا أولًا!"

قال الصديق مترددًا: — "لكن لدي أمر ضروري... لا أستطيع البقاء!"

أصرّ الشبان عليه وألحّوا بشدة، فما كان من جُحا وهو على المغتسل إلا أن رفع رأسه ونظر إلى صديقه قائلاً:

— "لا جدوى يا صديقي! كنتُ أنا أيضًا منشغلًا بأمرٍ مهم، ولكن... دنا أجلي، وما كان لي مهرب من الذهاب إلى القبر!"

ضحك الجميع من سرعة بديهة جُحا، وتركوه يلبس ثيابه ويُكمل طريقه، وهو يهمهم قائلاً:

— "ما دام المزاح قد صار مثل الجنازات، فلن أخرج إلا بشهادة حياة!"

Post a Comment

أحدث أقدم