جُحا يصنع معروفًا

 


في صباحٍ مشرقٍ، كان جُحا يسير نحو السوق ليشتري ما يلزمه للبيت، حين لمح جمعًا من الناس يتجمهرون أمام محل الجزار. اقترب بخطواتٍ هادئة، وإذا بالجزار يُمسك بذراع رجل بدا مألوفًا… إنه صديق جُحا!

سأل جُحا بلطف: — ما الأمر أيها الجزار؟ فأجابه الجزار منزعجًا: — هذا الرجل مدين لي بثمن ثلاثة كيلوغرامات من اللحم، وكلما طالبته تجاهلني!

لم يتردّد جُحا. مدّ يده إلى كيس نقوده، وقال: — وكم هو الدين؟ ردّ الجزار: — ثلاثة دنانير يا سيدي. فأعطاه جُحا المبلغ وأنقذ صديقه من مأزقٍ كبير.

سار الصديقان معًا، وقال الصديق بتأثر: — شكرًا لك يا أعزّ الأصدقاء، لولاك… لذهبوا بي إلى القاضي. ضحك جُحا وقال: — أشكر الله الذي جعلني أمرّ في طريقك في الوقت المناسب.

دعاه صديقه إلى منزله، لكن جُحا اعتذر بلطف قائلاً: — سأزوك لاحقًا، فهناك أمور عاجلة بانتظاري.

عندما عاد جُحا إلى منزله، استقبلته زوجته متعجبة: — أين المطلوبات؟ لم تأتِ بأي شيء! أجابها مبتسمًا: — أنقذت صديقًا… والمطلوبات يمكنها الانتظار.

🕰️ ومرت أيام…

قابل جُحا صديقه مجددًا، فقال الصديق: — لقد انتظرتك طيلة الأيام الماضية… تعال لأردّ لك الجميل. لكن جُحا كان منشغلًا، فوعده بالزيارة لاحقًا. مرّ الوقت، وكلما التقيا كرّر الصديق الدعوة، دون أن يفي بها جُحا.

ذات يوم، قال جُحا بذكاء: — أنت تعرف عنواني. إن كان لك دينٌ في عنقي، فأحضره إلى بيتي.

📅 ومرت الأيام… ولم يأتِ الصديق.

فقرر جُحا الذهاب إلى بيت صديقه ليطالبه برد الدين. وعندما اقترب من البيت، رأى رأس صديقه يطلّ من النافذة، لكنه ما إن رآه حتى أسرع بالانسحاب وأغلق النافذة!

طرق جُحا الباب، فسمع صوت زوجة الصديق من الداخل تسأل: — من الطارق؟ أجابها بلطافة فيها بعض الحيلة: — إن لم يكن هناك مانع، جئت أزور صديقي.

قالت الزوجة مترددة: — لقد خرج للتو… وسيحزن لأنه لم يرك.

ابتسم جُحا وقال بصوت عالٍ ليسمعه الجميع: — إذًا قولي له… لا ينسى رأسه في النافذة عندما يخرج، حتى لا يظنه الناس في البيت ويتهموه بأكل حقوق الآخرين!

💡 وهكذا بقي جُحا حكيمًا… يحسن صنع المعروف، دون أن يسمح لأحد بأن يتلاعب بكرمه.

Post a Comment

أحدث أقدم