في أحد الأيام الجميلة، وبينما كانت الشمس تضيء الأزقة الضيّقة وتداعب وجوه المارّة، كان هناك جماعة من الرجال المكفوفين يجلسون معًا في ساحة الحيّ، يتبادلون الأحاديث والضحكات الهادئة.
مرّ جُحا من أمامهم، وكان في مزاجٍ مُرِح. نظر إليهم، وفكّر في نفسه: "هل ألعب عليهم خدعة صغيرة تجعلني أضحك قليلاً؟" ثم ابتسم ابتسامة ماكرة وأخرج من جيبه كيسًا صغيرًا مليئًا بالنقود المعدنية. أمسك بالكيس وحرّكه في الهواء، فراح يصدر صوتًا رنّانًا جعل آذان العميان تنتبه وتتيقظ.
قال لهم جُحا بصوت عالٍ:
"خذوا هذه النقود ووزّعوها بينكم!"
ثم وضع الكيس في جيبه من جديد، وجلس بعيدًا يراقبهم في هدوء.
وبينما كان العميان جالسين، ظن كل واحد منهم أن جحا رمى الكيس في حضن أحدهم. فبدأوا يتشاجرون!
قال أحدهم: "أنت الذي أخذت الكيس، أعطني نصيبي!"
وردّ الآخر وهو يُمسك بثوبه: "بل أنت الذي أخفيته، أعد لي حقي!"
وما لبثت الساحة أن امتلأت بالأصوات العالية والشدّ والجذب، وكل منهم يتهم الآخر بأخذ النقود، وهم لا يعرفون أن جُحا ما زال يحتفظ بالكيس في جيبه!
أما جُحا، فقد كان يضحك من بعيد حتى كاد يقع من شدّة الضحك!
ضحك وضحك، وهو يهمس لنفسه: "يا لها من خدعة صغيرة أضحكت قلبي!"
ومنذ ذلك اليوم، تعلّم العميان درسًا مهمًا... أن لا يصدقوا كل ما يُسمع، فليس كل رنين يعني ذهبًا!
إرسال تعليق