كانت سَارْلَا تُحِبُّ مشاهدةَ الطُّيورِ وهي تُحَلِّقُ في السماءِ.
وفي أحدِ الأيامِ، وخِلالَ حصةِ العلومِ، نظرتْ من النافذةِ فرأتْ عُقابًا يُحَلِّقُ في الأعالي. قالتْ في نفسها: «لا شكَّ أن هذا الطائرَ كان سعيدًا جدًّا بذلك!» وكانتْ تُحبُّ أيضًا رؤيةَ الطائراتِ وهي تطير في السماء.
نظرتْ مُعلِّمةُ الصفِّ الجديدةُ إلى سارلا وقالت لها: «أنتِ، ما اسمُكِ؟ ألا ينبغيُ لكِ أن تنظري إلى السبورةِ التي أمامك؟»
وقفتْ سارلا على عجلٍ وقالت: «أنا آسفة يا مُعلِّمتي، كنتُ أنظر إلى العُقاب. كم أتمنى أن نستطيع الطيران مثل الطيور، أو مثل الطائرات…»
قالت المُعلِّمة: «ما اسمكِ؟»
أجابتْ: «سارلا.»
قالت المُعلِّمةُ: «ما أجمل هذا! هل تعلمينَ أنَّ "سارلا" كان اسمَ أول امرأةٍ هنديةٍ تعملُ طيَّارًا؟ اسمي "همسة"، ويعني بَجَع. إنَّ البجع، كما تعلمين، هو مِن أكبر الطيورِ القادرة على الطيران. ينبغي عليكِ يا سارلا أن تُمْضي بعضَ الوقتِ في المكتبة؛ فهناك بكل تأكيدٍ العديدُ من الكتبِ عن الطيورِ والطيران، والآلاتِ الطائرة مثل الطائرات.»
تمكَّنت سارلا خلالَ الأيامِ القليلةِ التالية من تعلُّمِ الكثيرِ عن الطيورِ والطائرات، وكانت السعادةُ تغمرُها.
تعلمتْ سارلا أن الإنسانَ يستطيع الطيران أيضًا، ولكن ليس مثل الطيور. نحنُ نستطيع الطيران إلى أيِّ مدينةٍ في العالمِ بواسطة الطائرة، التي تُعَدُّ واحدةً من أعظم اختراعات الإنسان عبر العصور.
بواسطة هذه الآلةِ العظيمة، يستطيع الإنسان أيضًا أن يستمتعَ بمُتعةِ أن يكون محمولًا جوًّا. فالطيورُ مخلوقاتٌ جوية تطير وحدَها دون آلاتٍ إضافية. وعادةً ما يكون جناحا الطائر أكبرَ من الأعضاء الأخرى، ويتمتعان بخفّة وزنٍ كبيرة، ممّا يُمكِّنها من الطيران بسهولة.
تتَّصف الطائراتُ بالضخامة وثقل الوزن الشديد، ولها جناحان على جانبيها؛ مما يُساعدها على الطيران. وقد جرى تصميمُ الجناحين في الطائرة على شكل جناحي الطيور تمامًا، فهما مقوَّسان في الأعلى ومسطّحان في الأسفل؛ وهذا يُمكّن الطائرة من الطيران عاليًا في السماء.
لكي تتمكن الطيور من الطيران، ترفرفُ بجناحيها، لكننا لم نرَ قطُّ طائرةً تفعل مثل ذلك! عندما ترفرف الطيور بجناحيها، فإنها تستخدم الريح لتدفع بجسمها إلى الأمام.
الطائرات أيضًا تطير بمساعدة قوة الريح، لكنها تستخدم المحرك الذي في داخلها لخلق الريح التي تتدفّق أسفل جسمها.
يُعتبر المحرك أقوى أجهزة الطائرة، وهو بمثابة عقلها. ومثلما يستخدم الطائر عقله وحيلته للطيران، يُساعد المحرك الطائرة على الإقلاع والتحليق في السماء. عندما يستخدم محرك الطائرة الوقود، يُطلق غازاتٍ ساخنةً بسرعةٍ عالية، فتدفع الهواء خلف المحرك، وهذا يؤدي إلى دفع الطائرة إلى الأمام.
يعمل المحرك في السيارات والمركبات الأخرى على دفعها إلى الأمام أيضًا، لكنها لا تستطيع التحليق في السماء كالطائرات التي يتدفّق الهواء فوق وتحت أجنحتها المصممة على شكل أجنحة الطيور، مما يمكّنها من الارتفاع بعيدًا عن الأرض إلى أعالي السماء والبقاء هناك طيلة الرحلة.
وللطائرات أيضًا ذيل، تمامًا مثل الطيور، للحفاظ على استقرارها في السماء، ولمساعدتها على تغيير اتجاهاتها.
تحتاج الطائرات إلى طرق واسعة وطويلة للإقلاع والهبوط. وتُسمى هذه الطرق بالمُدرَّجات، حيث تحتاج الطائرة إلى كسب سرعة عالية على المدرج لتتمكن من الارتفاع من الأرض والتحليق في الجو.
تستطيع معظم الطائرات الإقلاع فقط إذا كانت تسير بسرعة عالية على المدرج، الذي يُعتبر جزءًا أساسيًا في المطارات، لأنه يوفر للطائرات الوقت الكافي لزيادة سرعتها والتمكن من الإقلاع في النهاية.
وتعرف الطائرات وجهتها في السماء بتوجيه طيار يقوم بالتحكّم فيها من مكان في مقدمة الطائرة يُسمّى قُمرة القيادة. يبقى الطيار على اتصال دائم مع المطار (وهو مكان تقلع منه الطائرات وتهبط فيه) بواسطة أجهزة دقيقة وحديثة جدًّا. ومثلما توجد إشاراتُ مرور ورجال مرور لتنظيم حركة السير على الطرق، توجد في المطارات أبراج مراقبة، يعمل فيها متخصصون لإرشاد الطيارين إلى الوقت والمكان المناسبين للطيران، وللوقت الآمن للإقلاع والهبوط.
تُعتبر الطائرة في الواقع طائرًا كبيرًا، صُمِّمَ تمامًا على شكل الطيور لتمكيننا من الطيران، وإن لم يكن ذلك مثل الطيور!
ترغب سارلا في أن تصبح طيارةً وتقود الطائرات عندما تكبر.
إرسال تعليق