في قلب غابة خضراء كثيفة، حيث تتراقص الأشجار في نسيم الصباح وتغني العصافير بلحن الحياة، عاش حطابٌ فقيرٌ يُدعى "جميل" مع زوجته الطيبة وابنهما الصغير "باسم". كانت الحياة بسيطة، مليئة بالتحديات، ولكنها دافئة بمحبة العائلة. وحين ودّعت الأم الدنيا، بقي باسم وحيدًا مع والده، يحاول فهم الحزن الذي خيم على البيت الصغير.
ذات مساء، جلس الأب بجانب ابنه، وقال بصوتٍ مكسور: "يا بني، لا أملك ما يكفي من المال لأكمل دراستك... المستقبل يبدو ضبابيًا." نظر باسم لوالده بحنان وأجاب: "سأساعدك في قطع الحطب يا أبي، سنتشارك كل شيء." لكن الأب هزّ رأسه بأسى: "ليس لدينا سوى فأسٍ واحد، يا باسم."
وفي اليوم التالي، جاء صديقه الوفي "نادر"، وابتسامته تسبق خطواته، وقال: "خذ فأس والدي... وسأنقل لك كل دروس المدرسة. لن تفوت شيئًا يا باسم!" أضاء وجه باسم من الفرح، وركض إلى والده وهو يهتف: "سأصبح طبيبًا ماهرًا في المستقبل يا أبي!"
وفي أحد الأيام، بينما كان يساعد والده في الغابة، لاحق باسم عصفورًا ملوّنًا غريبًا، ووجد نفسه قد ضل الطريق. وبين الأشجار العملاقة، سمع صوتًا يصرخ: "النجدة! أنا هنا!" اقترب باسم بخطواتٍ حذرة، ليجد مصباحًا قديمًا يلمع على الأرض. وما إن فركه، حتى اندفع منه جنيٌ أزرقٌ ضخم، يعلو صوته قائلاً: "شكراً لك... سأكافئك بقتلك!" 😱
تراجع باسم بخوف، وقال بتحدي طفولي: "هذا جزائي؟ ساعدتك، وأنت ترد بتهديد؟ وكيف أعرف أنك حقًا كنت داخل المصباح؟" ضحك الجني وتحوّل إلى دخانٍ ثم دخل المصباح مجددًا ليثبت كلامه. فقام باسم بسرعة وأغلقه!
لكن قلبه الطيب غلبه... أطلق الجني مرة أخرى بعد أن وعده ألا يؤذيه. وفاءً لوعده، أعطاه الجني قطعة قماشٍ سحرية، قائلًا: "إذا حككتها بأي معدن، أعطتك قطعة فضة. وإذا لمست بها جرحًا... شُفي فورًا."
عاد باسم راكضًا إلى البيت، وأثبت لوالده ونادر قوة القماش السحرية. وبين لحظة وأخرى، تحول الفتى البسيط إلى غني يشتري الطعام الفاخر والملابس الغالية.
مرت الأيام، وتغير قلب باسم. نسي وعده، نسي حلمه، وأهان صديقه نادر: "ما حاجتي للدراسة؟ المال يكفي لمساعدة الجميع!" لكن نادر ابتعد، ورفض الجميع مجالسة باسم... حتى والده لم يعد يكلّمه.
وفي ليلةٍ هادئة، جلس باسم وحيدًا، ينظر إلى القماش السحري... ولكنه اختفى! اختفت معها الفضة، والغرور، والفرح الزائف.
عاد باسم إلى دراسته، معتذرًا من نادر بعينين مليئتين بالندم. وعادا صديقين من جديد. ومعًا تفوقا في المدرسة، وعرف باسم أن القوة الحقيقية ليست في المال... بل في القلب، وفي العلم، وفي الصداقة الصادقة.
إرسال تعليق