استيقظ جُحا في صباح مشرق، حيث الشمس تبتسم والسماء صافية كأنها صفحة ماء ساكنة. نادى على ابنه: "يا أمير، هذا يوم جميل... سأذهب إلى سوق القرية المجاورة."
أجاب أمير بحماس: "رائع يا أبي! سأعدّ الحمار ونذهب معًا!"
سُرّ جُحا وقال: "لا مانع يا بني، دعنا نذهب سويًا."
أعدّ أمير الحمار، فقال له والده: "اركب أنت الحمار، وسأسير أنا خلفك... فأنا رجل بدين وبعض المشي ينفعني."
وهكذا، ركب أمير وسار جُحا خلفه في طريق السوق. لكنهم صادفوا رجلين، فتمتم أحدهما للآخر: "انظر كيف يركب الغلام ويترك والده المسكين يمشي! أين الأدب؟!"
سمع جُحا ذلك، فقال أمير: "ألم أقل لك يا أبي؟ تفضل بالركوب وأنا أسير."
وافق جُحا، فركب الحمار ونزل أمير يمشي. وما إن مشوا قليلًا حتى مرّ بهم بعض الناس، فقال أحدهم: "ألا يخجل هذا الأب؟ يركب هو ويترك هذا الصغير يسير وحده؟!"
توقف جُحا مجددًا وقال: "يا أمير، يبدو أننا لا نرضي الناس بهذه الطريقة أيضًا. لنركب معًا هذه المرة."
ركبا معًا، لكن بعد مسافة قصيرة قابلا جماعة جديدة، فقال أحدهم: "انظروا إلى قسوة قلوبهم! يركبان معًا فوق هذا الحمار الهزيل!"
تنهد جُحا وجلس على الأرض وقال: "يا أمير، مهما فعلنا لن نسلم من كلام الناس."
فكر قليلًا ثم قال: "لنترك الحمار يسير أمامنا، ونحن نمشي خلفه."
ولكن حتى هذا القرار لم يسلم من النقد! إذ قال المارّة بدهشة: "انظروا إلى هؤلاء الحمقى! يسيرون في هذا الحر خلف الحمار ولا يركبانه!"
ضحك جُحا، ثم نظر إلى أمير وقال: "ما رأيك يا بني، أن أحمل الحمار على ظهري؟ لنرَ ماذا سيقول الناس الآن!"
فعلًا، حمل جُحا الحمار، فتعجب الجميع وقالوا: "يا للعجب! جُحا فقد عقله، يحمل حماره على ظهره؟!"
التفت جُحا لابنه وقال ضاحكًا: "تعلم يا أمير، لن يُعجب الناس شيء أبدًا، وصدق المثل: الناس لا يعجبهم العجب... ولا الصيام في رجب!"
إرسال تعليق