في عمارةٍ قديمة مطلّة على أحد أزقّة المدينة، كان يعيش جُحا في الطابق العلوي، حيث الهواء نقي والإطلالة ساحرة. اعتاد جحا أن يجلس عند نافذته يراقب المارة ويرتشف فنجان قهوته الصباحية بهدوء.
وذات يوم، وبينما هو يستمتع بجوه الهادئ، رنّ جرس الباب في الأسفل. تطلّع جُحا من النافذة، فإذا برجلٍ بثياب رثّة ووجه شاحب يقف هناك، يبدو عليه التعب والحاجة. رفع جُحا صوته وسأله:
"ماذا هناك يا رجل؟"
فأجابه المتسول بصوتٍ متوسل: "أرجوك، لدي أمرٌ مهمّ لأقوله لك... هلا نزلت إلي؟"
استغرب جُحا، لكنه لم يتأخر، نزل السلالم حتى وصل إلى المتسول، ثم سأله وقد علت وجهه علامات الفضول:
"ما الأمر المهمّ الذي تود قوله؟"
ابتسم المتسول بخفة وقال: "أريد صدقة يا سيدي!"
تغيّر وجه جُحا للحظة، لكنه تمالك أعصابه وأخفى غضبه بابتسامة خفيفة، ثم أشار نحو الدرج وقال:
"تريد صدقة؟ حسنًا... تعال معي إلى الأعلى!"
صعد المتسول خلف جُحا وهو يلهث من التعب، وعندما وصلا إلى باب الشقة، التفت جُحا إليه بلطف وقال:
"الله يسهل عليك!"
ثم دخل وأغلق الباب بلطف، تاركًا المتسول في حيرةٍ من أمره، وقد فهم أن دعوته للصعود لم تكن من أجل مال، بل لمجرد أن يتذوّق طعم المفاجأة، تمامًا كما فعل هو بجُحا.
إرسال تعليق