جُحا وحماره بائع الفِجل



في صباحٍ دافئ من ربيعٍ مُزهر، وبين أصوات السوق المتناثرة وألوان البضائع المبهجة، كان جُحا واقفًا يتأمل الحياة من حوله. رأى الناس يتجولون بين الباعة، يشترون خُضرًا وفاكهة، ويتبادلون الضحكات والقصص.

وفجأة، سمع جُحا خبرًا غريبًا جعل حاجبيه يرتفعان بدهشة: "بائع الفِجل العجوز قد توفي، وترك خلفه حماره المُطيع!" فكر جُحا للحظة، ثم ابتسم بخفة وقال: "الحمار يعرف زبائنه... لمَ لا أجرّب أنا بيع الفِجل؟!"

انطلق جُحا إلى منزل البائع الراحل واشترى الحمار، ثم ملأ سلالًا كبيرة بالفِجل الطازج العطِر، ووضعها على ظهره، وانطلق في الحي بنفس الطريق الذي اعتاد الحمار أن يسلكه كل يوم.

ويا للعجب! كلما مرّ أمام بيتٍ ما، كان الحمار يتوقف فجأة أمام بابه، يرفرف بأذنيه وينظر إليه كأنه يقول: "هنا! هنا كانوا يشترون كل يوم!" وكان جُحا ينادي بصوته القوي: "فِجل طازج! فِجل طازج للتوّ من الحقل!"

لكن ما إن يسمع الحمار صوت جُحا، حتى يرفع رأسه ويبدأ في النهيق بصوتٍ مدوٍ، طويل جدًا، يُغطي على صوت صاحبه تمامًا!

ضحك الأطفال من النوافذ، واختبأت بعض القطط تحت العربات، بينما وقف جُحا متحيرًا... كيف يبيع بضاعته إن كان لا أحد يسمعه؟! وعندما تكرر الأمر كثيرًا، غضب جُحا ووقف أمام الحمار وقال: "أيها المغفَّل، من البائع هنا؟ أنت أم أنا؟!"

ثم لم يتمالك نفسه من الضحك، وضحك الحمار أيضًا بطريقته العجيبة، واستمرت جولتهما في الحي، أحدهما ينادي... والآخر ينهق، وكأنهما فريق طريف من السيرك المتنقل!

Post a Comment

أحدث أقدم