الكلب الوفي



في قرية صغيرة تحيط بها الأشجار وتغني فيها العصافير كل صباح، عاشت أسرة بسيطة وسعيدة: أب صياد قوي، وأم حنونة، وطفل صغير يضحك من قلبه، وكلب وفيّ لا يفارق العائلة.

كان الأب يخرج كل صباح ومعه شباكه الطويلة ليصطاد من النهر القريب، ويعود في المساء محمّلًا بالسمك، فتستقبله العائلة والكلب يقفز فرحًا. كانت الأم تهتم بالمنزل وتطهو الطعام وتعتني بابنها، بينما الكلب يلعب معه ويحميه كأنه أخ أكبر له.

لكن ذات يوم، شعرت الأم بتعب شديد، لم تستطع النهوض من فراشها. جلب الأب الطبيب، وعندما فحصها، نظر إليه بحزن وقال: "عليكم أن تستعدوا، حالتها صعبة." حزن الأب كثيرًا، وجلس قرب زوجته التي أوصته بصوت خافت: "اعتنِ بابننا... لا تنسَ أن الكلب كان دومًا حامي بيتنا."

وبعد أيام، رحلت الأم إلى السماء، وامتلأ البيت بالصمت والدموع. كان الطفل يناديها، والكلب يجلس قرب باب غرفتها وكأنه ينتظر عودتها.

مرت أيام عصيبة. توقف الأب عن الصيد ليهتم بابنه، لكن الطعام بدأ ينفد. لم يكن هناك حل، كان عليه أن يعود إلى عمله. جلس يفكر: "من سيبقى مع الصغير؟" وفجأة، قفز الكلب إليه، يهز ذيله وينظر بعينيه وكأنه يقول: "أنا هنا! لا تقلق، سأحميه."

تردد الأب، لكنه قرر أن يثق به. خرج للصيد، تاركًا الكلب يراقب الطفل بعناية طوال النهار.

وفي المساء، عاد الصياد ليجد الكلب عند الباب، وجهه ملطخ بالدماء. فزع! صرخ: "ماذا فعلت؟!" وهرع للداخل يبحث عن ابنه. لكنه توقف فجأة...

في الحديقة الخلفية، كان الطفل يلعب بسعادة، وبالقرب منه ذئب ضخم ميت، يغطيه الدم. نعم! لقد أنقذ الكلب الطفل من الذئب!

جلس الأب على الأرض، احتضن الكلب وعيناه تدمعان: "سامحني يا صديقي... أنت لم تخننا، بل كنت دومًا وفِيًّا."

ومنذ ذلك اليوم، لم يعد الكلب مجرد حيوان، بل أصبح بطل الأسرة، وعاش الجميع معًا في حب وسلام.

Post a Comment

أحدث أقدم