في أحد الأيام، قرر جُحا أن يسافر في رحلة طويلة للتجارة. كان لديه في بيته كمية كبيرة من العسل اللذيذ، لكنّه شعر بالقلق الشديد… فماذا لو دخل أحدهم بيته وسرقه أثناء غيابه؟ فكر وفكر، ثم قرر أن يطلب مساعدة جاره التاجر الأمين.
ذهب جحا إلى بيت جاره وقال له: "أيها الجار، سأكون في سفر طويل، وأخاف على العسل من اللصوص. هل يمكنك أن تحتفظ به عندك حتى أعود؟"
ابتسم التاجر وقال: "اطمئن يا جحا، سيكون العسل بأيدٍ أمينة."
شكرَه جحا وعاد إلى بيته، فحمل أوعية العسل الكبيرة ووضعها على ظهر حماره، ثم سار بها إلى بيت التاجر وسلّمه الأمانة، قبل أن يودّع جيرانه ويبدأ رحلته.
ومرت الأيام...
عاد جحا من رحلته، وكان أول ما فعله أن اتجه بسرعة إلى بيت التاجر ليأخذ عسله. طرق الباب، ففتح له التاجر بابتسامة خفيفة، ثم قال له: "يا جحا، لديّ خبر سيئ... الفئران شربت العسل!"
تجمّد جحا في مكانه. "ماذا؟! هل تشرب الفئران العسل؟ هذا لا يُعقل!"
ابتسم التاجر بتصنع وأجاب: "يا صديقي، في هذا العالم تحدث أشياء غريبة، لا نصدّقها ولكنها تحصل. نعم، الفئران شربت العسل!"
غضب جحا كثيرًا، لكنه لم يتكلّم. غادر وهو يغلي من الداخل، وعقله يفكر بطريقة تردّ له حقه، ولكن بطريقته الخاصة...
وبعد أسبوع، ذهب جحا إلى السوق فرأى حصان التاجر واقفًا هناك، يحمل بضاعة كثيرة فوق ظهره. نظر جحا إلى اليمين ثم إلى الشمال… ثم قاد الحصان وأخفاه في مكانٍ بعيد.
لاحقًا، علم التاجر أن حصانه وبضاعته قد اختفوا، فجنّ جنونه، وركض في السوق يسأل الناس: "هل رأى أحدكم حصاني؟ كانت عليه كل بضاعتي! لقد ضاع رأسمالي كله!"
وفي تلك اللحظة، جاء جُحا وسأله وكأنه لا يدري: "ما الأمر يا جاري؟"
ردّ التاجر بعصبية: "حصاني ضاع! لا أعلم كيف، وقد كانت البضاعة كلها فوقه!"
نظر إليه جحا وقال بهدوء: "أوه، لا تقلق. لقد رأيت النسور وهي تحمل الحصان والبضاعة وتطير بهما بعيدًا!"
فغضب التاجر وقال: "ما هذا الكلام؟! النسور لا يمكنها أن تحمل حصانًا!"
ابتسم جُحا وقال بهدوء وبدهاء: "في قرية يشرب فيها الفأر العسل… يمكن للنسور أن تطير بالحِصان والبضاعة."
حينها فقط فهم التاجر الدرس... وانخفض رأسه من الخجل.
إرسال تعليق