ٱلْغُرَابَانِ وَ الثَعْلَبُ

 فِي غَابَةٍ جَمِيلَةٍ غَنَّاءَ، سَمِعَتِ ٱلْحَيَوَانَاتُ صَوْتَ شِجَارٍ بَيْنَ غُرَابَيْنِ وَاقِفَيْنِ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ عَالِيَةٍ.


فَقَدِمَ ٱلثَّعْلَبُ ٱلْمَكَّارُ، وَحَاوَلَ أَنْ يَفْهَمَ سَبَبَ شِجَارِهِمَا.


وَمَا إِنِ ٱقْتَرَبَ أَكْثَرَ، حَتَّى سَأَلَ ٱلْغُرَابَيْنِ:

ــ مَا بَالُكُمَا، أَيُّهَا ٱلْغُرَابَانِ؟


فَقَالَ أَحَدُهُمَا:

ــ ٱتَّفَقْنَا عَلَى أَنْ نَتَقَاسَمَ هَذِهِ ٱلْقِطْعَةَ مِنَ ٱلْجُبْنِ بِٱلتَّسَاوِي، لَكِنَّ هَذَا ٱلْغُرَابَ ٱلْأَحْمَقَ يُحَاوِلُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبًا أَكْبَرَ مِنْ حِصَّتِهِ!


ٱبْتَسَمَ ٱلثَّعْلَبُ وَقَالَ:

ــ إِذًا، مَا رَأْيُكُمَا أَنْ أُسَاعِدَكُمَا فِي حَلِّ هَذِهِ ٱلْمُشْكِلَةِ، وَأَقْسِمَ ٱلْجُبْنَ بَيْنَكُمَا بِٱلتَّسَاوِي؟


نَظَرَ ٱلْغُرَابَانِ إِلَى بَعْضِهِمَا، وَوَافَقَا عَلَى ٱقْتِرَاحِ ٱلثَّعْلَبِ، وَأَعْطَيَاهُ قِطْعَةَ ٱلْجُبْنِ.


قَسَمَ ٱلثَّعْلَبُ قِطْعَةَ ٱلْجُبْنِ، ثُمَّ قَالَ:

ــ يَا إِلَهِي! لَقَدْ أَخْطَأْتُ فِي ٱلْقِسْمَةِ! هَذِهِ ٱلْقِطْعَةُ أَكْبَرُ مِنْ تِلْكَ. سَآكُلُ مِنَ ٱلْقِطْعَةِ ٱلْكَبِيرَةِ قَلِيلًا حَتَّى تَتَسَاوَيَا، فَٱلْعَدْلُ هُوَ ٱلْأَسَاسُ!



فَأَكَلَ مِنَ ٱلْقِطْعَةِ ٱلْكَبِيرَةِ قَضْمَةً، لَكِنَّهَا أَصْبَحَتْ أَصْغَرَ مِنَ ٱلْأُولَى، فَٱعْتَذَرَ لِلْغُرَابَيْنِ، ثُمَّ قَالَ:

ــ لَا بَأْسَ! سَآكُلُ قَلِيلًا مِنَ ٱلْقِطْعَةِ ٱلْأُولَى حَتَّى تَتَسَاوَيَا تَمَامًا!


وَهَكَذَا، ظَلَّ ٱلثَّعْلَبُ يَقْسِمُ ٱلْقِطْعَتَيْنِ عَمْدًا بِشَكْلٍ غَيْرِ مُتَسَاوٍ، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ وَتِلْكَ، حَتَّى ٱلْتَهَمَ ٱلْقِطْعَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ كَمَا خَطَّطَ، ثُمَّ فَرَّ هَارِبًا، تَارِكًا ٱلْغُرَابَيْنِ فِي حَسْرَةٍ وَحُزْنٍ.


وَهُنَا، تَعَلَّمَ ٱلْغُرَابَانُ دَرْسًا لَنْ يَنْسَيَاهُ:

أَنَّهُ مِنَ ٱلْأَفْضَلِ حَلُّ مُشْكِلَاتِهِمَا بِنَفْسِهِمَا، دُونَ أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا غَرِيبًا قَدْ يَسْتَغِلَّ خِلَافَهُمَا.

Post a Comment

أحدث أقدم