ٱلْغُرَابُ ٱلْعَطْشَانُ
فِي يَوْمٍ مُشْمِسٍ مِنْ أَيَّامِ ٱلصَّيْفِ، كَانَ هُنَاكَ غُرَابٌ يَحَلِّقُ عَالِيًا فِي ٱلسَّمَاءِ ٱلزَّرْقَاءِ، يَعْبُرُ ٱلْغَابَاتِ ٱلْخَضْرَاءَ وَٱلْجِبَالَ، مُسْتَمْتِعًا بِجَمَالِ ٱلطَّبِيعَةِ مِنْ حَوْلِهِ. وَلَكِنَّهُ بَعْدَ وَقْتٍ طَوِيلٍ مِنَ ٱلطَّيَرَانِ، شَعَرَ بِتَعَبٍ شَدِيدٍ، وَجَفَّ حَلْقُهُ مِنَ ٱلْعَطَشِ.
رَاحَ ٱلْغُرَابُ يَنْظُرُ أَسْفَلَ مِنْهُ وَهُوَ يَطِيرُ، يَبْحَثُ بِعَيْنَيْهِ عَنْ أَيِّ مَكَانٍ قَدْ يَجِدُ فِيهِ مَاءً. وَبَيْنَمَا كَانَ يَقْتَرِبُ مِنْ إِحْدَى ٱلْغَابَاتِ ٱلْكَثِيفَةِ، لَمَحَ شَيْئًا يَلْمَعُ تَحْتَ ضَوْءِ ٱلشَّمْسِ. طَارَ نَحْوَهُ بِسُرْعَةٍ... وَإِذَا بِهِ وِعَاءٌ فِيهِ قَلِيلٌ مِنَ ٱلْمَاءِ!
فَرِحَ ٱلْغُرَابُ، وَٱقْتَرَبَ لِيَشْرَبَ، لَكِنَّهُ وَاجَهَ مُشْكِلَةً: مَنْقَارُهُ لَمْ يَكُنْ طَوِيلًا بِمَا يَكْفِي لِيَصِلَ إِلَى ٱلْمَاءِ فِي قَاعِ ٱلْإِنَاءِ. حَزِنَ قَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ. جَلَسَ يُفَكِّرُ، وَيَنْظُرُ حَوْلَهُ بَحْثًا عَنْ حَلٍّ.
وَفَجْأَةً، لَاحَظَ وُجُودَ ٱلْكَثِيرِ مِنَ ٱلْحَصَى ٱلصَّغِيرَةِ مُتَنَاثِرَةً عَلَى ٱلْأَرْضِ. خَطَرَتْ لَهُ فِكْرَةٌ ذَكِيَّةٌ! بَدَأَ يَلْتَقِطُ ٱلْحَصَى بِمِنْقَارِهِ، وَيَضَعُهَا وَاحِدَةً تِلْوَ ٱلْأُخْرَى دَاخِلَ ٱلْوِعَاءِ. وَمَعَ كُلِّ حَجَرٍ، كَانَ مُسْتَوَى ٱلْمَاءِ يَرْتَفِعُ قَلِيلًا... حَتَّى وَصَلَ إِلَى ٱلْأَعْلَى!
عِنْدَهَا، تَمَكَّنَ ٱلْغُرَابُ أَخِيرًا مِنَ ٱلشُّرْبِ، فَٱرْتَوَى وَٱرْتَاحَ، ثُمَّ طَارَ مُبْتَسِمًا، وَقَدْ تَعَلَّمَ أَنَّ ٱلتَّفْكِيرَ وَٱلصَّبْرَ يُمْكِنُ أَنْ يُحَلَّا أَصْعَبَ ٱلْمُشْكِلَاتِ.
إرسال تعليق