فِي يَوْمٍ مِنَ ٱلْأَيَّامِ، كَانَ أَسَدٌ، مَلِكُ غَابَةٍ، نَائِمًا تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ وَارِفَةٍ، يَحْلُمُ بِأَيَّامِ ٱلصَّيْدِ وَٱلْقُوَّةِ.
وَفَجْأَةً، صَعِدَ فَأْرٌ صَغِيرٌ عَلَى ظَهْرِ أَسَدٍ، وَبَدَأَ يَجْرِي وَيَلْعَبُ كَأَنَّهُ فِي مَلْعَبٍ صَغِيرٍ!
ٱسْتَيْقَظَ أَسَدٌ غَاضِبًا، وَزَمْجَرَ قَائِلًا:
ــ مَنْ يُزْعِجُ نَوْمِي؟!
وَبِمُجَرَّدِ أَنْ رَآهُ، أَمْسَكَهُ بِيَدِهِ ٱلْقَوِيَّةِ، وَقَالَ:
ــ سَأَجْعَلُ مِنْكَ وَجْبَةَ غَدَائِي!
ٱرْتَعَشَ فَأْرٌ خَوْفًا، وَقَالَ بِصَوْتٍ مُتَقَطِّعٍ:
ــ أَرْجُوكَ... لَا تَأْكُلْنِي! إِنْ عَفَوْتَ عَنِّي، فَرُبَّمَا أُسَاعِدُكَ يَوْمًا مَا!
ضَحِكَ أَسَدٌ بِسُخْرِيَّةٍ وَقَالَ:
ــ أَنْتَ تُسَاعِدُنِي؟! هَذِهِ نُكْتَةٌ مُضْحِكَةٌ!
وَلَكِنْ... سَأَتْرُكُكَ تَذْهَبُ، فَأَنَا لَسْتُ جَائِعًا ٱلْآنَ.
وَمَرَّتِ ٱلْأَيَّامُ...
وَفِي صَبَاحٍ هَادِئٍ، جَاءَتْ مَجْمُوعَةٌ مِنْ صَيَّادِينَ، وَنَصَبُوا فَخًّا كَبِيرًا، فَوَقَعَ فِيهِ أَسَدٌ، وَقَيَّدُوهُ بِٱلْحِبَالِ.
زَمْجَرَ أَسَدٌ وَحَاوَلَ ٱلْفِكَاكَ، لَكِنَّ ٱلْحِبَالَ كَانَتْ شَدِيدَةً، وَٱلصَّيَّادُونَ ذَهَبُوا لِجَلْبِ قَفَصٍ.
مَرَّ فَأْرٌ بِٱلصُّدْفَةِ، وَرَأَى صَدِيقَهُ فِي مِحْنَةٍ، فَتَذَكَّرَ وَعْدَهُ، وَأَسْرَعَ نَحْوَ أَسَدٍ، وَبَدَأَ بِقَضْمِ ٱلْحِبَالِ بِأَسْنَانِهِ ٱلصَّغِيرَةِ.
قَضَمَ... وَقَضَمَ... حَتَّى ٱنْقَطَعَتْ ٱلْحِبَالُ، وَٱنْطَلَقَ أَسَدٌ حُرًّا يَرْكُضُ بَعِيدًا عَنِ ٱلْخَطَرِ!
تَوَقَّفَ أَسَدٌ، وَنَظَرَ إِلَى فَأْرٍ، وَقَالَ بِٱلْدَّهْشَةِ:
ــ مَا أَشْجَعَكَ! لَقَدْ أَنْقَذْتَنِي!
فَٱبْتَسَمَ فَأْرٌ، وَقَالَ:
ــ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَوْمًا: رُبَّ صَغِيرٍ أَنْقَذَ كَبِيرًا؟
فَٱنْخَفَضَ رَأْسُ أَسَدٍ خَجَلًا، وَشَكَرَ فَأْرًا شُكْرًا كَبِيرًا، وَتَعَلَّمَ دَرْسًا قَيِّمًا:
لَا تَسْتَصْغِرْ أَحَدًا، فَكُلُّ مَخْلُوقٍ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، قَدْ يَكُونُ لَهُ دَوْرٌ عَظِيمٌ.
إرسال تعليق