في قَريةٍ خَضراءَ هادِئةٍ، عاشَ كَلبٌ صَغيرٌ يُحِبُّ المُغامَرةَ. كُلَّ صَباحٍ، كانَ يَخرُجُ مِن مَنزِلِهِ الصَّغيرِ، يَتَجَوَّلُ بَينَ التِّلالِ، ويَعبُرُ الجَداولَ، ويَمُرُّ بَينَ المَنازِلِ، باحِثًا عَن لُقمَةٍ يَسُدُّ بِها جَوعَهُ.
وذاتَ يَومٍ، لَم يُصَدِّقْ حَظَّهُ! فَقد وَجَدَ عَظمَةً كَبيرةً عَلَيها بَقايا لَحمٍ شَهِيٍّ. أَمسَكَ بِها بَينَ فَكَّيْهِ، وقَلبُهُ يَقفِزُ فَرَحًا. "سَأَتَناوَلُها في راحَتي داخِلَ مَنزِلي!" قالَ في نَفسِهِ، وانطَلَقَ عائِدًا، يَمشِي بِزَهوٍ كَمَن وَجَدَ كَنزًا.
لكِن بَينَما كانَ يَعبُرُ جِسرًا فَوقَ النَّهْرِ، لَمَحَ اِنْعِكاسًا في الماءِ. كانَ يُشْبِهُ كَلبًا آخَرَ يَحمِلُ عَظمَةً أَيضًا! لَم يَعلَمْ أَنَّهُ يَرى نَفسَهُ، فَظَنَّ أَنَّ هُناكَ كَلبًا آخَرَ يَملِكُ قِطْعَةَ لَحمٍ أُخْرَى. فَكَّرَ: "لِمَ لا آخُذُها أَنا؟ سَتَكُونُ لي عَظمَتانِ بَدَلًا مِن واحِدَةٍ!"
فَتَحَ فَمَهُ لِيَهْجُمَ عَلَى "الكَلبِ" في الماءِ، لكِن في تِلكَ اللَّحْظَةِ… سَقَطَتْ عَظمَتُهُ الحَقيقيَّةُ مِن فَمِهِ، وابتَلَعَها النَّهْرُ في لَحْظَةٍ! نَظَرَ حَولَهُ، فَلَم يَجِدْ أَحَدًا. فَقَط ماءٌ ساكِنٌ… وبَطْنٌ جائِعٌ.
عادَ الكَلبُ إِلى بَيْتِهِ حَزينًا ونادِمًا، وقَد تَعَلَّمَ الدَّرْسَ الأَصْعَبَ: الطَّمَعُ يُفْقِدُكَ ما تَمْلِكُ، أَمَّا القَناعَةُ فَكَنْزٌ لا يَضيعُ.
إرسال تعليق