قِصَّةُ جُحَا وَابْنِهِ وَالحِمَار



كانَ يا مكانَ، في قديمِ الزّمانِ، كانَ جُحا رجلاً طريفًا حكيمًا، يعيشُ في إحدى القُرى، وذاتَ يومٍ قرّر أن يذهبَ معَ ابنِه إلى السوقِ ليبيعَ الحمار.

استيقظا باكرًا، وربطا الحمار، وبدأا يمشيان بجانبهِ متوجهين نحو السوق.

وأثناءَ طريقِهما، مرّا على جماعةٍ من الناس، فقال أحدهم:
"انظروا إلى هذينِ الغبيّينِ! معهما حمارٌ ولا يركبانه، أليس هذا من الحمق؟!"

فقال جحا لابنه:
— "اسمع يا بُني، لنركبِ الحمارَ معًا حتى لا يقولَ الناسُ عنّا حمقى."

فركبا الحمار معًا، وسارا قليلاً.

لكن، بعدَ وقتٍ قصير، مرّا بجماعةٍ أخرى، فسمعوهُم يقولون:
"انظروا إلى هذين القاسيين! كلاهما يركب الحمارَ الضعيفَ، ألا يَخافانِ الله؟!"

فقال جحا:
— "معهم حق، انزلْ يا بُني، وسأركبُ أنا وحدي."

فنزل الابن، وركب جحا الحمار.


مرّا بجماعةٍ ثالثة، فنظروا إليهم باستغرابٍ وقالوا:
"يا للعجب! الأبُ القاسي يركب، ويتركُ ابنَهُ الصغيرَ يمشي!"

فقال جحا:
— "حقًّا، ربما رأَوا ذلك ظلمًا."

فنزل جحا، وقال لابنه:
— "اركبْ أنتَ يا بُني، وسأمشي أنا."

فركب الابن، وسار جحا إلى جانبه.

ثم مرّا بجماعةٍ رابعة، فقال بعضهم:
"انظروا إلى هذا الابن العاق! يركبُ ويجعلُ أباهُ يمشي على قدميه!"

تنفّس جحا بعمق، وقال لابنه:
— "تعالَ يا بُني، لنحملَ الحمارَ نحنُ، فربما يُرضي ذلكَ الناس!"

فربطا أقدامَ الحمارِ بالحبال، وحملاهُ على خشبةٍ بينهما، ومشيا به إلى السوق، والناسُ يضحكون ويتهكّمون:
"انظروا إلى جُحا وابنه! يحمِلانِ الحمارَ بدلًا من أن يركباه!"

وفي منتصف الطريق، فزع الحمارُ من الضوضاءِ، وتقلّب حتى سقطَ في النهر ومات.

نظر جحا إلى ابنه بحزنٍ وقال:
— "يا بُني، رضى الناسِ غايةٌ لا تُدرَك، ولو حاولنا إرضاءهم جميعًا، خسرنا الحمارَ ولم نَسلَم من ألسنتِهم."

العِبرة:
لا تُحاول أن تُرضي الناس جميعًا، فلكلٍّ رأيٌ، وإرضاؤهم كلّهم مستحيل، فافعَل ما تراهُ صوابًا ولا تلتفت لكلامِهم.


Post a Comment

أحدث أقدم