الثَّعْلَبُ وَالطَّبْلُ

الثَّعْلَبُ وَالطَّبْلُ


فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، كَانَ هُنَاكَ ثَعْلَبٌ جَائِعٌ، قَضَى نَهَارَهُ كَامِلًا يَبْحَثُ عَنْ طَعَامٍ، وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَأْكُلُهُ.

وَبَيْنَمَا كَانَ يَسِيرُ فِي الغَابَةِ يُفَكِّرُ فِي الطَّعَامِ، إِذْ سَمِعَ صَوْتًا عَالِيًا وَضَجِيجًا غَرِيبًا!

خَافَ الثَّعْلَبُ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ:
ــ "يَا إِلَهِي! مَا هَذَا الصَّوْتُ؟! لَعَلَّهُ حَيَوَانٌ ضَخْمٌ خَطِيرٌ! مِنَ الأَفْضَلِ أَنْ أَهْرُبَ!"

ثُمَّ تَوَقَّفَ وَقَالَ:
ــ "لَكِنْ... إِذَا هَرَبْتُ، سَأَمُوتُ جُوعًا! لِمَاذَا لَا أَخْتَبِئُ، وَأُرَاقِبُ مَا يَجْرِي؟ رُبَّمَا يَصْطَادُ هٰذَا الحَيَوَانُ شَيْئًا، وَآكُلُ مِنْ بَقَايَاهُ!"

🌲 تَخَفَّى الثَّعْلَبُ وَتَقَدَّمَ نَحْوَ الصَّوْتِ بِحَذَرٍ، وَفَجْأَةً، رَأَى مِنْ بَعِيدٍ طَبْلَةً كَبِيرَةً تَحْتَ شَجَرَةٍ.

كَانَتْ الفُرُوعُ تَهْتَزُّ بِسَبَبِ الرِّيَاحِ، وَتَضْرِبُ الطَّبْلَةَ، فَيَنْبَعِثُ مِنْهَا ذَٰلِكَ الصَّوْتُ العَالِي.

فَكَّرَ الثَّعْلَبُ:
ــ "آه! إِنَّهُ ذَاكَ الحَيَوَانُ الضَّخْمُ! مِنَ الأَفْضَلِ أَنْ أَتْرُكَ الغَابَةَ... لَكِنْ، أُمِّي كَانَتْ تَقُولُ: لَا تَأْخُذْ قَرَارًا وَأَنْتَ خَائِفٌ!"

📍 قَرَّرَ الثَّعْلَبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ نَحْوَ الطَّبْلَةِ، وَقَالَ:
ــ "إِذَا رَفَعَ هٰذَا الحَيَوَانُ عَصَاهُ لِيَضْرِبَنِي، سَأَهْرُبُ فَوْرًا!"

وَلكِنَّ "الحَيَوَانَ" لَمْ يَتَحَرَّكْ...
فَقَالَ الثَّعْلَبُ:
ــ "دَعْنِي أَلْمَسْهُ..."

فَرَفَعَ قَدَمَهُ وَلَمَسَ الطَّبْلَةَ... فَصَدَرَ صَوْتٌ عَالٍ! فَارْتَبَكَ الثَّعْلَبُ وَتَرَاجَعَ قَلِيلًا، ثُمَّ عَادَ وَقَالَ:

ــ "لَهُ جِلْدٌ سَمِيكٌ! وَيَبْدُو أَنَّهُ كَبِيرُ الحَجْمِ! لَابُدَّ أَنَّ فِيهِ كَثِيرًا مِنَ اللَّحْمِ وَالدَّمِ!"

🍖 سَالَ لُعَابُ الثَّعْلَبِ، وَبِفَرَحٍ، قَفَزَ فَوْقَ الطَّبْلَةِ، وَبَدَأَ يُحَاوِلُ عَضَّ جِلْدِهَا...
وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اِخْتِرَاقِهِ!

حَاوَلَ مَرَّةً أُخْرَى بِقُوَّةٍ... وَفَجْأَةً، كَسَرَ سِنَّهُ!

🩸 نَزَفَتْ دَمَاءٌ مِنْ فَمِهِ، وَغَضِبَ الثَّعْلَبُ جِدًّا، فَضَرَبَ الطَّبْلَةَ بِقُوَّةٍ حَتَّى تَمَزَّقَ جِلْدُهَا!

وَعِنْدَمَا نَظَرَ فِي الدَّاخِلِ، وُجِدَتِ الطَّبْلَةُ فَارِغَةً!
لَا دَمَ، لَا لَحْمَ، لَا شَيْءَ أَبَدًا!

تَنَهَّدَ الثَّعْلَبُ وَقَالَ:
ــ "كُلُّ هٰذَا التَّعَبِ... وَفِي النِّهَايَةِ، لَا شَيْءَ! خَسِرْتُ سِنِّي، وَهٰذَا الحَيَوَانُ (الطَّبْلَةُ) خَسِرَ جِلْدَهُ!"

🌬️ هَبَّ نَسِيمٌ جَدِيدٌ، فَتَحَرَّكَتِ الفُرُوعُ، وَلَكِنْ هٰذِهِ المَرَّةَ لَمْ يَصْدُرْ أَيُّ صَوْتٍ مِنَ الطَّبْلَةِ.

فَابْتَسَمَ الثَّعْلَبُ وَقَالَ:
ــ "لَا بَأْسَ، كَسَرْتُ سِنِّي، وَلٰكِنِّي تَخَلَّصْتُ مِنَ الخَوْفِ فِي قَلْبِي!"

رَفَعَ رَأْسَهُ بِفَخْرٍ، وَمَشَى فِي الغَابَةِ، يَبْحَثُ عَنْ فَرِيسَةٍ حَقِيقِيَّةٍ.


🧠 العِبْرَةُ مِنَ القِصَّةِ:

لَا تَصْدُقْ كُلَّ مَا تَسْمَعُ، فَالأَصْوَاتُ الكَبِيرَةُ قَدْ تَأْتِي مِنْ أَشْيَاءَ فَارِغَةٍ!

Post a Comment

أحدث أقدم