الأرنبُ والثّعلبُ في فخِّ المزرعة

 


في قديمِ الزّمان، كان هناكَ مُزارعٌ طيّبٌ يُدعى أمجد، وكان يعيشُ بالقربِ من غابةٍ صغيرةٍ، ويزرعُ الخُضرواتِ في حقلِه كلَّ يومٍ.

وكانَ في الغابةِ أرنبٌ ماكرٌ، يخرجُ كلَّ ليلةٍ خِفيةً من بينِ الأشجارِ، ويذهبُ إلى حقلِ أمجد، فيأكلُ من الخُضارِ الطّازجةِ ويُخرّبُ الزّرعَ.

لاحظَ أمجدُ ما يحدثُ في مزرعتِه، وقرَّر أن يُمسكَ بالحيوانِ الذي يُخربُ الزرعَ، فقامَ في إحدى اللّيالي بصنعِ فخٍّ قويٍّ ووضعهُ في الحقلِ.

وفي تلكَ الليلةِ، خرجَ الأرنبُ كعادتهِ ليأكلَ من الخضرواتِ، لكنّهُ لم ينتبهْ إلى الفخِّ، فسقطَ فيه!

حاوَلَ الأرنبُ الخروجَ، لكنَّهُ لم يستطِعْ. شعرَ بالخوفِ، وظلَّ طوالَ الليلِ عالقًا في الفخِّ لا يعرفُ ماذا يفعلُ.

وفي الصباحِ، جاءَ أمجدُ إلى الحقلِ، ورأى الأرنبَ داخلَ الفخِّ، فقال له غاضبًا:

ـــ أها! إذن أنتَ اللّصُّ الذي يأكلُ الخُضارَ! سأُعلّمكَ درسًا!

ثمَّ ذهبَ إلى البيتِ ليُحضِر عصًا ليضربَ بها الأرنبَ. أما الأرنبُ، فظلَّ يفكّرُ في طريقةٍ للهروبِ، لكنّهُ لم يجدْ حَلًّا.

وبينما هو جالسٌ حزينًا، مرَّ ثعلبٌ قريبٌ من المكانِ، ورأى الأرنبَ في الفخِّ، فقال مُتعجِّبًا:

ـــ لماذا تجلسُ هنا وحدكَ؟ وكيفَ علِقتَ في هذا الفخِّ؟

ضحكَ الأرنبُ بصوتٍ عالٍ، وقال:

ـــ يا صديقي الثعلب، سأُخبركَ بالأمرِ. هذا ليس فخًّا، بل عمّتي البقرةُ ربطتني هنا! لقد كانت ابنتها ستتزوّج، ودعتني لحضور الزّفافِ، لكنني اعتذرتُ لأن أطفالي مَرضى، وأُريدُ الذهابَ إلى الطّبيبِ. فغضبَت وقيّدتني هنا، وقالت إنها سترسلُ من يأخذني إلى الزّفافِ!

ثمّ أضاف:

ـــ هل تُريدُ أن تذهبَ بدلًا منّي؟ إن كنتَ تحبُّ الأعراسَ، فأنا أربطُكَ مكاني، وعندما يأتي مَن سيأخذُني، سيأخذُكَ بدلاً عنّي. وسأذهبُ أنا لإحضارِ الدّواءِ لأطفالي!

فكّر الثعلبُ وقال في نفسه:
ـــ وأخيرًا سأحضُرُ عُرسًا!

فوافقَ، وربطَ الأرنبُ الثعلبَ مكانهُ في الفخِّ، ثم هربَ مُسرعًا.

وبعدَ قليلٍ، عادَ أمجدُ ومعهُ عصًا طويلةٌ. فلمّا رأى الثعلبَ في الفخِّ، قال بدهشة:

ـــ ماذا؟! الثعلبُ الذي يأكلُ دجاجاتي؟! الآن سأُعلّمُكَ درسًا لن تنساه!

ثمّ أخذ يضربُ الثعلبَ ضربًا شديدًا. وبعدها ذهبَ ليُحضِر كلابَ الحراسةِ.

وفي هذا الوقتِ، عاد الأرنبُ وقال للثعلبِ:

ـــ ألم يأتِ أحدٌ لأخذِكَ إلى الزّفافِ؟ لماذا لا تزالُ هنا؟!

صرخَ الثعلبُ غاضبًا:

ـــ لا أُريدُ أن أحضرَ أيَّ زفاف! أخرجني من هذا الفخِّ حالًا!

لكنّ الأرنبَ بدأ يُماطلُ في الحديثِ، ليُضيّعَ الوقتَ، لأنّهُ خافَ أن يُهاجمهُ الثعلبُ إن أطلقَ سراحهُ.

وبينما هما يتحدثان، رأى الأرنبُ أمجدَ قادمًا مع كلابِه، فأسرعَ وحرّرَ الثعلبَ من الفخِّ، وهربا معًا بسرعةٍ نحو الغابةِ.

وحاولَ أمجدُ وكلابُه اللحاقَ بهما، لكنّهما كانا أسرع، فاختفيا في الشُّجيراتِ، ولم يستطعْ أحدٌ الإمساكَ بهما.


العبرة من القصة:

الذّكاءُ يُنقِذُ صاحبهُ من المَواقفِ الصَّعبةِ، أمّا الطّمعُ فقد يُوقِعُ الإنسانَ في المشاكلِ.

Post a Comment

أحدث أقدم