وَلَدٌ مَصنوعٌ مِنْ خَشَبٍ
منذ زمنٍ بعيدٍ، كان هناك صانعُ ساعاتٍ عجوزٌ في إيطاليا يُدعى جيبيتو. كانت كل الساعات في متجره تُصدر نفسَ الصوت: تيك تيك توك، بلا انقطاع. وعندما كان يُنهمك في عمله، كان يشعر بالسعادة، أما إذا توقف ليستريح، فكان ينتابه الحزن ويقول لنفسه:
«آه! عشت طويلًا ولم أرزق بابن!»
وفي يومٍ من الأيام، صنع جيبيتو دميةً خشبية على شكل ولد صغير. جعل يديها وقدميها تتحركان، وخاط لها ملابس جميلة، فبدت كأنها ولدٌ حقيقي ينبض بالحياة. فقال: «سأسميك بينوكيو.» وفي تلك الليلة، وضع جيبيتو الدمية على السرير.
كانت هناك نجمةٌ كبيرةٌ تلمع في السماء. نظر جيبيتو إليها من نافذة غرفته متوسلاً، وقال:
«يا نجمة الساطعة، لو استطعت تحقيق أمنية واحدة لي، فلتكن أن يرزقني الله ولدًا من صُلبي.» لكنه كان يعلم أن ذلك صعبٌ الحدوث.
فجأةً، هبطت النجمة وتحولت إلى حورية زرقاء واقفة بجانب السرير. قالت للحورية:
«يا دمية الخشب الصغيرة، عندما تستيقظ غدًا، ستكون قادرًا على المشي والكلام مثل ولد حي.» ولمستها بعصاها السحرية، وأضافت:
«وإذا أثبت شجاعتك وصدقك، فستصبح يومًا ولدًا حقيقيًا.»
فتح بينوكيو عينيه، وقالت الحورية:
«هناك أمرٌ آخر.»
ثم ظهر صرصار الليل، يرتدي ملابس أنيقة ويتكلم، وقالت الحورية:
«هذا صرصار الليل، سيبقى بجانبك ليعينك على اتخاذ القرارات الصائبة.» ثم اختفت الحورية في السماء.
في صباح اليوم التالي، استيقظ جيبيتو ليأخذ دميته، لكنه وجد السرير فارغًا! ثم سمع صوتًا يقول:
«ها أنا هنا يا أبي!»
تفاجأ جيبيتو وقال: «هل تستطيع التحدث؟»
رد بينوكيو: «نعم، أنا بينوكيو، ولدك!»
عانقه جيبيتو بشدة قائلاً: «بينوكيو، يا ولدي!»
الذهاب إلى المدرسة
في يومٍ من الأيام قال بينوكيو لوالده: «أريد الذهاب إلى المدرسة مثل بقية الأولاد.»
أجابه جيبيتو: «بالطبع.» لكنه لم يكن يملك مالًا كافيًا لشراء الكتب.
وفي المساء، عاد جيبيتو وهو يحمل الكتب وقال: «الآن يمكنك الذهاب إلى المدرسة.»
سأل بينوكيو: «وأين معطفك يا أبي؟»
قال جيبيتو مبتسمًا: «لا تقلق، المهم أنك ستذهب غدًا.» لكنه لم يخبره أنه باع معطفه ليشتري الكتب.
في صباح الغد، ودَّع بينوكيو والده وهو سعيد، وصحبه صرصار الليل على كتفه.
في الطريق، قابله ثعلب وقط. قال الثعلب: «إلى أين أنت ذاهب في هذا اليوم الجميل؟»
قال بينوكيو: «إلى المدرسة.»
قال الثعلب: «في يوم جميل كهذا، ألا تفضل أن تأتي معنا إلى المهرجان؟ هناك كل شيء يمكن تعلمه!»
حذره صرصار الليل: «لا تصغ إليه!»
لكن بينوكيو قال: «حسنًا، لنذهب!»
المهرجان
كان مهرجانًا جميلًا، يبيعون التذاكر عند البوابة، لكن بينوكيو لم يكن معه تذكرة. عرض عليه رجل عجوز أن يبيع كتبه ليشتري تذكرة، فوافق بينوكيو.
داخل المهرجان، شاهد عرضًا للدُمى المتحركة، فقفز بينوكيو إلى المسرح وبدأ يرقص معهم. ضحك الجمهور ورموا العملات المعدنية.
لاحظ مدير المهرجان أن بينوكيو يتحرك بدون خيوط، وفكر: «هذه دمية ستجلب لي المال!»
فأمسك به وألقاه في قفص الطيور.
صاح بينوكيو: «أخرجوني!»
سمع صرصار الليل صراخه وحاول فتح القفص بلا جدوى.
نموُّ الأنف
ظهرت الحورية الزرقاء، وسألته: «كيف دخلت إلى القفص؟»
أخبرها بينوكيو أنه اختُطف، لكن أنفه بدأ يطول عندما كذب في التفاصيل.
ثم قال الحقيقة، فتراجع أنفه إلى طوله الطبيعي.
لمست الحورية رأسه بعصاها وحررت بينوكيو وأعادته كتبه.
قالت له: «عليك أن تتحمل مسؤوليتك وتكون صادقًا وشجاعًا.»
سائق العربة
في طريقه للمدرسة، جاء سائق عربة يعرض عليه الركوب إلى جزيرة المتعة حيث يمكنه تناول الحلوى واللعب بلا حدود.
صرخ صرصار الليل: «لا تستمع إليه!»
لكن بينوكيو وافق.
جزيرة المتعة
هناك، باع بينوكيو كتبه وبدأ يلعب ويتناول الحلوى. بعد أيام، بدأ يتحول إلى حمار!
صرخ صرصار الليل: «أنت تتحول! علينا الهرب!»
ركض بينوكيو بسرعة حتى وصل مع صرصار الليل إلى المرفأ.
سأل رجلاً عن والده، فأخبره أن جيبيتو غادر للبحث عنه ولم يعد.
قفز بينوكيو في الماء بحثًا عن والده، وصحبه صرصار الليل.
الحوت
ابتلعه حوتٌ ضخم مع صرصار الليل، وهناك وجد جيبيتو!
أشعل بينوكيو نارًا داخل بطن الحوت لتجعله يسعل، وخرج الجميع سالمين.
النهاية
بعد أن نادى جيبيتو بينوكيو بلا رد، وجده ملقى في بركة ماء. بكى الأب وصديقه صرصار الليل عليه.
نزلت الحورية الزرقاء ولمسته بعصاها السحرية وقالت:
«لقد أثبت شجاعتك وصدقك، والآن أنت ولدٌ حقيقي.»
نهض بينوكيو ورأى ذراعيه وساقيه من لحمٍ ودم.
صاح: «أبي! انظر! لقد أصبحت ولدًا حقيقيًا!»
وأجاب الأب: «نعم، يا ولدي الحبيب!»
إرسال تعليق