جحا والحمار المسحور



في صباح مشرق، قرر جحا أن يذهب إلى السوق ليشتري لنفسه حمارًا يساعده في حمل أمتعته. وبينما يتجول بين الباعة، وقع نظره على حمار صغير حسن الشكل، أعجبه كثيرًا، فتوقف عنده وبدأ يساوم صاحبه.

قال جحا: "هذا الحمار جميل، لكن ثمنه غالٍ جدًا، وهذا ما أملكه فقط!" وبعد نقاش طويل وضحك خفيف، وافق التاجر أخيرًا، وأخذ جحا الحمار وسار به مسرورًا نحو منزله.

لكن في الطريق، كان هناك لصان يراقبانه من بعيد. خطرت لهما فكرة طريفة: أن يسرقا الحمار بخدعة دون أن يشعر جحا! اقترب أحدهما بهدوء، وفكّ الحبل من عنق الحمار وربطه بعنقه هو، بينما فرّ اللص الثاني بالحمار الحقيقي مسرعًا! استمر جحا بالسير، يقود من يظنه حماره، والمارة من حوله يضحكون بدهشة، وهو يظن أن إعجابهم يعود لجمال حماره الجديد!

لكن عندما وصل جحا إلى بيته والتفت ليطمئن على الحمار... فوجئ برجل مربوط بالحبل بدلًا منه! قال جحا متعجبًا: "من أنت؟ وأين حماري؟!"

انحنى الرجل، وبدأ يمسح دموعه وهو يبكي ويقول: "أنا رجل عاق، أغضبت أمي كثيرًا، فدعت عليّ أن أتحول إلى حمار! استجاب الله لدعائها، فتحولت إلى حمار وجاء بي أخي إلى السوق ليبيعني... حتى اشتريتني أنت، وببركتك عدت إلى هيئتي البشرية."

انبهر جحا بالقصة العجيبة، ثم نظر إليه بحنان وقال: "عُد الآن إلى والدتك، واطلب منها السماح والمغفرة... ولا تعقها مجددًا."

فرح الرجل، وشكر جحا كثيرًا، وقبل يديه، ثم رحل وهو يعده بأنه سيصبح ابنًا صالحًا من الآن فصاعدًا.

مرت أيام قليلة، وقرر جحا أن يعود إلى السوق مرة أخرى ليشتري حمارًا جديدًا، فقد ظل يمشي على قدميه منذ أن "عاد الحمار رجلاً"! وبينما كان يتجول بين الباعة، لم يصدق عيناه... لقد رأى نفس الحمار الذي اشتراه في المرة الماضية! له نفس العلامة خلف أذنه ونفس المشية المائلة!

اقترب منه بهدوء، وجلس بجانبه وهمس في أذنه: "يبدو لي أنك لم تَطع والدتك مرة أخرى... فغضبت منك،  فحوّلك الله حمارًا من جديد! والله لن أشتريك مرة أخرى!"

وكان التاجر يقف بجانبه يراقبه باستغراب شديد، لا يدري ما الذي يحدث، ينظر يمينًا ويسارًا محاولًا فهم سر هذا الهمس الغامض والموقف العجيب!

Post a Comment

أحدث أقدم