في صباح دافئ ومشمس، كانت نملة صغيرة نشيطة تجوب الغابة بخطواتها السريعة، تحمل حبات القمح وتخزنها في بيتها الصغير استعدادًا لفصل الشتاء. كانت تعمل بجد دون كلل، تقفز فوق الأغصان وتسير تحت الجذور، تجمع ما تستطيع ليبقى مأواها مليئًا بالغذاء.
وبينما كانت تنقل حمولة جديدة من حبوب القمح، تعثّرت بأحد الحصى الصغيرة وسقطت في مجرى ماء ضيق جرفته بعيدًا عن الأرض. راحت تصرخ وتحاول أن تسبح في التيار، لكن الماء كان قويًا جدًا، ولم تستطع أن تخرج مهما حاولت.
وفي تلك اللحظة، كان عصفور صغير يحلّق فوق الأشجار بحثًا عن حبوب التوت. لمح من بعيد حركة غريبة في الماء، فاقترب... رأى النملة تصارع الموج، تبحث عن النجاة! فكر بسرعة، ثم حمل بمنقاره ورقة خضراء صغيرة، وحلّق فوق النملة وأسقط الورقة بجانبها.
نظرت النملة بدهشة، ثم تسلقت الورقة واستقرت فوقها. ومع حركة الماء الهادئة، بدأت الورقة تطفو بهدوء نحو اليابسة. وعندما وصلت بأمان، قفزت النملة منها وهي تلهث وقالت بتأثر كبير: "شكراً أيها العصفور الطيب... لن أنسى معروفك ما حييت!"
ضحك العصفور بخجل، وقال: "لا شكر على واجب... الصداقة تبدأ من موقف نبيل!"
ومرت الأيام، وكبر كلٌ منهما قليلاً، إلى أن جاء يوم كان فيه العصفور يقف على غصنٍ قرب البحيرة، يغني بصوته العذب. وفي تلك اللحظة، تسلل صياد بخطى خفيفة، حاملاً قوسه، واستعد لإطلاق سهمه نحو العصفور دون أن يشعر.
لكن النملة كانت تمر بالقرب منه، فرأت الموقف بعينيها الحادتين. لم تفكّر مرتين، وانطلقت بسرعة ولدغت قدم الصياد بقوة! صرخ الرجل من الألم، وتشتّت تركيزه، فانطلق السهم في الهواء بعيدًا، وطار العصفور هاربًا نحو السماء.
بعدها، نزل العصفور بجانب النملة وقال لها وهو يبتسم: "أنقذتِ حياتي كما أنقذتُكِ... ما أجمل الوفاء!"
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت النملة والعصفور صديقين لا يفترقان، يعلمان الآخرين أن الخير لا يُنسى، وأن المساعدة قد تعود إليك حين تحتاجها أكثر.
إرسال تعليق