في مدينة بعيدة، كان هناك رجل طريف يُدعى أشعب، عرفه الناس بخفة دمه وذكائه الساخر. لكن في تلك المدينة، كانت تعيش أيضًا سيدة حسودة، مشهورة بأنها إذا نظرت إلى شيء بإعجاب، أصابته بعينها فورًا، فيتلف أو يفسد!
وذات يوم، مرض أشعب مرضًا شديدًا، فبقي في فراشه لا يقوى على الحركة. جلست ابنته الصغيرة بجانبه، تمسك بيده وتستمع إلى وصاياه الأخيرة.
قال لها أشعب بصوت ضعيف لكنه مليء بالحب:
"يا بنيتي، إذا توفيت، لا تبكي عليّ كثيرًا... بل أوصيكِ بالصلاة، والصيام، وقراءة القرآن."
وفجأة، دخلت السيدة الحسودة إلى الغرفة، ووقفت تنظر إلى أشعب وهو مريض. شعر أشعب بوجودها، فغطّى وجهه بسرعة بلحافه، وقال بصوت خافت لكنه ساخر:
"أستحلفكِ بالله، إن كنتِ قد استحسنتِ شيئًا فيّ، فصلّي على النبي!"
نظرت إليه السيدة بازدراء وقالت:
"وماذا يمكن أن أستحسن فيك وأنت على فراش الموت؟!"
ابتسم أشعب وقال:
"ربما أعجبتك سهولة موتي... فيصعب عليّ فجأة!"
ضحك كل من كان في الغرفة، حتى ابنته ابتسمت وسط دموعها. أما السيدة، فقد احمرّ وجهها من الغضب وخرجت مسرعة.
وبعد لحظات، أغمض أشعب عينيه بهدوء... ورحل عن الدنيا، تاركًا خلفه ضحكة أخيرة لا تُنسى.
إرسال تعليق