في أحد الأحياء القديمة، كان جُحا يعيش بجوار رجل شديد البخل، لا ينفق درهماً على بيته أو نفسه. كلما قابل جُحا في الطريق، راح يعظه قائلاً: "وفر نقودك، لا تصرف شيئاً، حتى تصبح مثلي وتملك مالاً كثيراً!"
ابتسم جُحا ذات يوم وردّ: "أتريدني أن أعيش كما تفعل؟ أستعير حاجياتي من الجيران، وأحرم نفسي الطعام والملبس؟ وما قيمة مال لا ينفع صاحبه؟"
أجاب البخيل وهو يفرك يديه بفرح: "يكفي أن ترى بريقه!"
وذات يوم، جاء البخيل يطلب من جُحا حماره، فأعطاه إياه كعادته. لكن حين أعاد الحمار، مدّ البخيل يده طالباً من جُحا ديناراً! قال: "حمارك جاع في الطريق، فاشتريت له برسيمًا!"
غضب جُحا وقال: "ألا تخجل؟ تستعير حماري دومًا بلا مقابل، والآن تطالبني بدينار؟ خذ دينارك... لكن لا تطلب حماري مرة أخرى."
أخذ البخيل الدينار بسرور، وذهب، بينما بقي جُحا يفكر في حيلة ترد له اعتباره... وفجأة، خطرت له فكرة طريفة!
في صباح اليوم التالي، اشترى جُحا عمامة جديدة زاهية، وذهب إلى مطعم البلدة، ودفع له مقدماً ثمن طعام شخصين. ثم زار بائع الحمير، وبائع الفواكه، وبائع الطيور، وبائع الملابس... ودفع لكل واحد منهم مقدماً على أشياء لم يستلمها بعد. وأخيرًا، ذهب إلى صديق له وأعطاه عشرين ديناراً، وطلب أن يعيدها له لاحقًا حين يطلبها منه.
وفي طريق عودته، لمحه البخيل وقال بدهشة: "يا جُحا! ما أجمل هذه العمامة! كم ثمنها؟"
ضحك جُحا وقال: "ليست مجرد عمامة... إنها عمامة الثراء! تعالَ معي لأريك."
أخذه جُحا إلى المطعم، فأكل الاثنان وجبة شهية. ثم وضع جُحا يده على العمامة وقال: "هذا حساب العمامة!" فرد صاحب المطعم بابتسامة: "الحساب خالص يا جُحا!"
انبهر البخيل، وتكرر المشهد عند بائع الحمير وبائع الفواكه... كلهم قالوا: "الحساب خالص يا جُحا!"
اندهش البخيل وسأل بلهفة: "بكم تبيعني هذه العمامة العجيبة؟ إنها كنز حقيقي!"
ابتسم جُحا وقال: "أبيعها لك مقابل منزلك!"
قال البخيل بسرور: "موافــق!"
وهكذا، أصبح جُحا بلا جارٍ بخيل،.
إرسال تعليق