في قرية هادئة، تعيش الطيور بين الأشجار، وتتناثر الزهور بين المنازل الطينية، كان هناك رجل شاب يُدعى "أمين"، في الثلاثين من عمره. كان أمين يعمل بجد، يجتهد يومًا بعد يوم رغم الفقر الذي يحاصره. لم يكن لديه بيت ثابت أو أرض يزرعها، فقط قلب كبير مليء بالإيمان، وزوجة وثلاثة أطفال صغار ينتظرونه كل مساء.
كل صباح، يخرج أمين بحثًا عن عمل، ما يطلبه الناس يقوم به دون تردد—يبني، ينظف، أو يحمل. كان ممتنًا لكل يوم يعيشه، يحمد الله على كل حال، ويعامل الناس بلطف ورقة.
لكن زوجته "سُهى" لم تكن تشاركه الرضا نفسه. كانت كثيرة الشكوى، قلقة دائمًا من ضيق العيش، وتتمنى حياة أكثر رفاهية.
☀️ في أحد الأيام، وبعد يوم من العمل الشاق، توجه أمين إلى السوق ليشتري شيئًا بسيطًا لأطفاله. وبينما هو في طريق العودة، لمح عجوزًا تتكئ على شجرة وتئن من الألم. ركض إليها وسأل بلطف: "هل أنت بخير يا خالة؟"
قالت العجوز بصوت متعب: "قدمي تؤلمني ولا أستطيع الوقوف."
دون أن يتردد، حملها أمين بين ذراعيه، وذهب بها إلى الطبيب. دفع كل ما كان يملكه من مال، دون أن يفكر مرتين، ثم أوصلها إلى بيتها بحنان. عند الباب، نظرت إليه العجوز بعينين دامعتين، وقالت: "لا أملك شيئًا أعطيك إياه، لكني سأدعو الله لك، فأنت من خير الناس... وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟"
عاد أمين إلى منزله مطمئن القلب، رغم أنه لم يشترِ شيئًا لعائلته، لكنه كان سعيدًا لأنه ساعد شخصًا محتاجًا.
🌙 في البيت، ما إن رأت سُهى أنه عاد دون طعام حتى غضبت وصاحت: "وماذا أطعم الأطفال الجائعين الآن؟"
قال أمين بهدوء: "لدينا خبز... أطعميهم حتى يشبعوا، أما نحن فنصبر." وبالفعل، نام الأطفال بعد أن ملأوا بطونهم بالقليل، لكن الأم ظلّت غاضبة، وأمين ظلّ هادئًا، يصلي، ويثق أن الله لن يخذله.
⏰ في اليوم التالي، خرج أمين كعادته، لكنه لم يجد أي عمل. لم يغضب، بل رفع يديه إلى السماء، وقال: "يا رب، أنت الرزّاق الكريم، فامنحني ما يُرضيك."
وفي تلك اللحظة، جاءه رجل يسأل عنه في القرية كلها. كان يبحث عن عامل أمين وصادق ليساعده في مزرعته، ويمنحه راتبًا شهريًا ونسبة من المحصول. اختار أمين دون أن يعرفه من قبل، لكنه سمع عنه أنه رجل طيب القلب.
ومنذ ذلك اليوم، بدأت حياة أمين تتحسن، وتعلمت سُهى أن الصبر والثقة بالله أعظم من أي تذمر.
إرسال تعليق