في قرية صغيرة تحيط بها التلال الخضراء والأنهار المتعرجة، كان هناك رجل طيب يُعرف باسم العم صالح. وكان العم صالح يمتلك حماراً رماديّ اللون يُدعى "نعمان"، يعتمد عليه لنقل أكياس الملح إلى السوق القريب. كل صباح، كان العم صالح يُحمّل نعمان أكياس الملح الثقيلة، ويعطيه طعاماً طيباً، ويُربّت على رأسه قائلاً: "هيا يا نعمان، فلنذهب إلى السوق ونكسب رزقنا!"
لكن... لم يكن نعمان كأي حمار. فقد كان كسولاً بعض الشيء، يُحب الراحة ولا يتحمّل التعب، رغم حب العم صالح له واهتمامه الكبير به.
وفي أحد الأيام، بينما كانا يعبران النهر الضيق على الجسر الخشبي القديم، تعثّر نعمان وسقط في الماء! غرقت أكياس الملح معه، لكن شيئاً غريباً حدث... بدأ الملح يذوب شيئاً فشيئاً، وأحسّ نعمان بأن الحِمل أصبح خفيفاً جداً. سبح بفرح، وقفز من النهر وهو ينفض الماء كأنه يحتفل، بينما كان العم صالح ينظر إليه بحزن: "ضاع الملح يا نعمان... وضاع رزقي لهذا اليوم."
عادا إلى المنزل، والملح القليل في الأكياس لا يكفي حتى لبيعه. ولكن بينما شعر العم صالح بالهم، شعر نعمان بالسعادة... فقد اكتشف سراً جديداً يجعله مرتاحاً!
وفي اليوم التالي، وبينما كان يحمل أكياس الملح مرة أخرى... تظاهر نعمان بأنه تعثّر وسقط في النهر من جديد. ذاب الملح مرة أخرى، وخفّت الحمولة، وخرج نعمان من الماء وهو يبتسم بمكر.
لكن هذه المرة، لاحظ العم صالح شيئاً غريباً... لم تكن صدفة، بل كان نعمان يتعمد السقوط! فقال في نفسه: "لابد أن أعلّمه درساً ينفعه."
وفي صباح اليوم التالي، حمّل العم صالح نعمان بأكياس ممتلئة—لكنها لم تكن مليئة بالملح، بل بالقطن الخفيف. وقبل أن ينطلقا، ابتسم العم صالح قائلاً: "اليوم يا نعمان، السوق ينتظرنا!"
وبالطبع، ما إن وصلا إلى النهر حتى قفز نعمان في الماء، واثقاً أن الحمل سيخف. لكن المفاجأة كانت كبيرة... امتصّ القطن الماء حتى أصبح ثقيلاً جداً! شعر نعمان بأن الحمولة أصبحت ضعف ما كانت عليه، وتعثّر في الخروج، حتى ساعده العم صالح قائلاً: "الذكاء لا يكون بالخداع يا نعمان."
منذ ذلك اليوم، فهم نعمان أن الغش لا ينفع، وأن التعاون والصراحة أفضل بكثير من الحيلة والمكر. ولم يعد يتظاهر بالسقوط أبداً، بل أصبح يساعد العم صالح بكل نشاط ورضا.
إرسال تعليق