في غابة واسعة ومليئة بالأشجار الكثيفة، كانت الحيوانات تعيش بسلام وسعادة. كانت الفيلة الأكبر حجمًا والألطف قلبًا، فتلعب مع الصغار وتساعدهم في تجاوز الصعاب.
وذات يوم، عبر ثلاثة صيادين جائعين للطمع طريق الغابة. تسارعوا لالتقاط أنفاسهم عند رؤية العدد الكبير من الحيوانات، ولمحت أعينهم أنياب الفيلة البيضاء اللامعة.
جلس الصيادون مع بعضهم، وتبادلوا الهمسات: “غدًا في الصباح الباكر، سننتظر الفيلة عند البركة حين تشرب الماء. سنأخذ الأنياب ونبيعها بثمن غالٍ”.
سمع الهدهد صياحهم من بعيد، فأصابته قشعريرة. طار مسرعًا إلى قلب الغابة حيث يعيش الأسد، ملك الحيوانات، وأخبره بما سمعه.
جمع الأسد جميع الحيوانات في ساحة واسعة تحت ظل الأشجار العتيقة. همس لهم عن خطة الصيادين وطلب رأيهم. تقدمت النمور بخطى هادئة وقال أحدها: “لدينا خطة لحماية الفيلة، ولن ننسى أننا لم نشارك في حفر البركة من قبل”.
ابتسم الأسد وقال: “إذا نجحت خطتكم في إنقاذ الفيلة، سأسمح لكم بالشرب من البركة كل يوم دون أن تمنعكم الحيوانات الأخرى”.
في الليلة التالية، أقامت الحيوانات عدة فخاخ خفيفة قرب ممرات الغابة. جاءت الفكرة من القرود التي دربت أصابعها السريعة على سرقة البنادق. ومن الأفاعي التي لفتّ أقدام الصيادين بأجسادها الدقيقة، ومن النمور التي تنتظر فوق الأشجار بصمت كامد.
غفا الصيادون في الظلام بعد عناء السفر، وحرسهم نام دون أن يشعر بما حوله. ومع أول خيوط الفجر، انتفضوا ليجِدوا أنفسهم في محيط من العيون المتلصصة والأنفاض المتلوية.
حاولوا الهرب، لكنهم وجدوا أنفسهم مقيدين بلفائف الأفاعي، وبجنبات البنادق المكسورة تحت أقدام الفيلة. خفق قلب زعيمهم خيفة، وتضرّع للأسد أن يغفر لهم.
عقد الأسد محكمة غابةٍ عادلة. قررت الحيوانات تكسير البنادق، وبناء سجن صغير بين أغصان الأشجار. وحددت ثلاث سنوات لكي يعمل الصيادون في خدمة الغابة ويعوضوا عن ظلمهم.
فرحت الحيوانات بهذا العدل، وغنّت وترقص بين الأشجار. وأبدت الفيلة عفوًا كبيرًا لما بذله الأسد والنمور والقرود والأفاعي من جهد لحمايتها.
وبقي الصيادون في سجنهم الخشبي يتعلمون درسًا ثمينًا عن التعاون والشجاعة والاحترام، وينتظرون اليوم الذي يثبتون فيه أنهم أهل للتوبة وخدمة هذا المكان الآمن.
إرسال تعليق