في صباح هادئ تحت خضرة العشب الطويلة، استيقظت مستعمرة النمل بكاملها تحمل في أفواهها حبات الطعام الصغيرة. تناثرت النملات بين الحبوب المكعبة، يدفعها حماس داخلي لبناء مخزن كبير يكفيهم طوال فصل الشتاء. كانت كل نملة تعلم أن جهودها، مهما بدت صغيرة، تضيف حجراً جديداً في جدار الأمان الذي يحمي الجميع.
اجتمعت النملات حول الحبوب الذهبية؛ فرفعت الأولى واحدةً، ورفعتها الثانية، إلى أن شكّلن طابوراً منظمًا نحو المدخل الضيق للناهِل. انغمست أصغرهن بحماس في سحب ذرة رز عملاقة بحجمها، فهتف الجميع مشجعين، وتعالت أصوات النمل واهتزازات أوراق الشجر وكأنها تصفيق حار.
لكن بين تلك الحشود بُغِر قلب نملةٍ صغيرة تدعى لُولُو. شعرَت بفضولٍ غريب، وقررت ألا تُشارك الآخرين، بل جمعت كل حبة يمكنها حملها في جحرها الخاص. ابتسمت في سرّها، وظنّت أن الدفء والحماية من نصيبها وحدها.
حلّ الصقيع في أحد الأيام فجأةً، وكانت ريح الشتاء تقرع باب النمل ببرودةٍ قاسية. احتضنت لولو حبات الطعام التي خبأتها، لكن قلبها أيّدها في الظاهر أكثر من بطنها، فلم تجد الدفء الذي توقّعته. قست عليها الليالي الطويلة، وتملّكها الخوف من الظلام والبرد.
في تلك اللحظة القاسية، تذكّرت لولو وجوه زميلاتها، وسمعت في خيالها همساتهنّ المشجعة: “يا لولو، تعالي، شاركينا الدفء والحب.” فتحت جحرها، وانطلقت على أقدامها الرقيقة تلهث طلباً للعفو. رحبت بها الأخريات بحفاوةٍ لا حدود لها، وشكّلْن دائرة من التعاون، حتى امتلأت أجسادهنّ بدفء الصداقة.
عاد النمل في مجموعته موحّداً أكثر مِن قبل. تعلمت لولو أن السعادة الحقيقية تكمن في المشاركة، وأن العمل الجماعي يرفع التحديات، ويصنع المعجزات. قد صارت الدروس أكثر إشراقاً من أي شعاع شمس دافئ.
إرسال تعليق