في قريةٍ صغيرةٍ تطلّ على نهرٍ هادئ، كان يعيش طفل يُدعى سُهيل، يحب اللعب في الطبيعة واكتشاف الأشياء الغريبة. كل يوم، كان يحمل دلوه الصغير ويغوص في الوحل قرب ضفة النهر، يصنع منه كرات، حيوانات، وحتى قصور من الطين.
ذات يوم، بينما كانت الشمس تُعانق قمم الجبال وتُلوِّن السماء بالبرتقالي والذهبي، رأى سهيل طينًا مختلفًا—ثقيلاً، ناعمًا، ويلتصق بالأصابع كالعسل. مدّ يده، وصنع منه وعاءً صغيرًا يشبه نصف جوزة، لكنه لم يكن يعرف أنه على وشك أن يُغيّر التاريخ!
أخذ الوعاء إلى جدته الحكيمة "حبيبة"، التي كانت تعرف أسرار الأرض والنجوم. نظرت إلى الطين وابتسمت، ثم وضعت الوعاء قرب النار ليتماسك. حين برد، أصبح صلبًا كالصخر، لكنه احتفظ بجمال خطوط سهيل الصغيرة.
قالت الجدة: "هذا ليس مجرد طين، يا سهيل... لقد صُنِع أول فخار!"
بدأت القرية تستعمل اختراع سهيل لتخزين الطعام، الماء، وحتى بذور الزراعة. الناس كانوا يزينون الأوعية بالألوان والنقوش، وكل واحدٍ منهم أضاف شيئًا خاصًا من قلبه.
سهيل لم يتوقف. صار يُجرب أشكالًا جديدة: طويلة، مدورة، ضحلة... حتى صنع إناءً كبيرًا للقمح، وزُيِّن برموز تحكي قصته مع الطين والنهر والنار.
ومنذ تلك اللحظة، صار الفخار لغةً بين الإنسان والأرض.
إرسال تعليق