جحا المجنون

 


في صباح مشمس من أيام السوق، خرج جُحا يتجول كعادته بين الأزقة، يبادل الناس الحديث ويشتري حاجاته. هناك، لمح صديقًا قديمًا عزيزًا عليه، فابتسم له قائلاً: "مرحبًا بك، ما رأيك أن تأتي غدًا إلى بيتي لتناول الغداء؟" فرِح الصديق بالدعوة ووافق على الفور.

في اليوم التالي، ذهب جُحا إلى السوق مبكرًا، واشترى أرنبين سمينين ليعدهما للغداء. وعاد للبيت وهو يقول لزوجته: "أعدي لنا وليمة لذيذة، فقد دعوت صديقًا غاليًا على قلبي!" وافقت الزوجة، وبدأت في طهو الأرنبين.

لكن، وبينما كانت تطبخ، شمّت رائحة الأرانب الشهية، وقالت في نفسها: "سأتذوق قطعة صغيرة فقط..." ثم لم تلبث أن أكلت قطعة... واثنتين... وثلاثًا... حتى انتهت من الأرنبين بالكامل!

وصل جُحا بصحبة ضيفه وسأل زوجته: "أين الطعام؟ لقد جاء الضيف!" فابتسمت بتوتر وقالت: "سنأكل بعد أن تحضر لنا الخبز من السوق يا جُحا..." فرح جُحا ظنًّا منه أنها أعدّت أكثر من صنف، وأسرع ليشتري الخبز.

في تلك اللحظة، بدأت الزوجة تُفكر في حيلة تنقذها. فدخلت إلى الضيف وقالت هامسة: "هل تعلم لماذا دعاك جُحا؟" أجاب الضيف بدهشة: "لأني صديقه بالطبع!" فقالت الزوجة بصوت حزين: "للأسف، لقد جنّ جُحا، والأطباء قالوا إنه لا يُشفى إلا إذا أكل أذني إنسان!" ارتبك الضيف وازداد قلقه حين أخبرته أن علامة الجنون هي أن يصفق بيديه ويحرك رأسه!

عاد جُحا بالخبز قائلاً: "سأُحضّر الطعام حالاً!" لكن زوجته أسرعت إليه وهمست: "لقد سرق الضيف الأرنبين ووضعهما في ملابسه!" هنا، بدأ جُحا، دون قصد، يضرب يديه معًا ويهز رأسه، تمامًا كما أخبرته الزوجة.

فما كان من الضيف إلا أن ركض خارجًا مسرعًا، فصاحت الزوجة: "انظر، لقد خجل من فعلته ويهرب!" وجرى جُحا وراءه وهو ينادي: "يا صديقي العزيز! خذ واحدة وأعطني واحدة!" لكن الضيف لم يلتفت، وهو يصرخ: "ذلك لا يمكن أبدًا!"



Post a Comment

أحدث أقدم