البرتقالة المُتوّهمة والليمونة المتسلطة

 


في بستانٍ مفعمٍ بالخضرة والفاكهة، كانت أشجار البرتقال عصبة الوادي بفضل حجمها المهيب وثمرها البرّاق. تجمعت الأشجار ذات صباحٍ هادئ لتعيّن من تتولّى مهمة قيادة البستان، وجاءت النتائج أن تكون شجرة البرتقال ملكة الشمس والظلال. فرحت البرتقالة بهذا الشرف، بينما غلب الحزنُ شجرة الليمون، إذ انتابها حقدٌ دفين.

رفضت الليمونة مصيرها بسلام، فنمت بغيظٍ جذورها نحو الجيران، لتسرق منهم الماء حتى ذبلت أوراق البرتقال. رأى الفلاحُ هذا الاعتداء، فقطع الشجرة المكلومة قبل أن تتحول إلى عَجْنةٍ من العفن. حزنت بقية الأشجارَ على صديقتها الكبيرة، ومع ذلك انتخبن ليمونة جديدة ملكةً، رغم ضيق صدورهنّ منها.

لم تتغيّر الليمونة؛ بل ازدادت غرورًا، وراحت تغتصب حصتها من الماء لكل زميلة تزاحمها. اشتدت فروعها وقوِي خشبها على حسابهن، فيما بادت باقي الأشجار واحدةً تلو الأخرى. أدرك الفلاحُ سرّ هذه القوة غير الطبيعية، فتذكر طلب زوجته لطاولة خشبية صلبة. في الصباح المسْتور، وقع حكم الشجرة العنيدة بمؤدّاه: فأسه الثقيل.

حين لاحظت الأشجار أن عصا الفأس مصنوعة من خشب البرتقال القديم، انفجرن فرحًا. رقصت الأغصانُ بأوراقها وأعلنَّ أن هذا جزاء المغرور. تعاهدت الأشجار على احترام كل واحدةٍ منهن، ومشاركة الماء بالتساوي. عاد البستان بعد ذلك جنة خضراء، وأقسم الفلاح ألا يقطع شجرةً فيه مجددًا.

Post a Comment

أحدث أقدم