يحيا العدل

 


في مزرعة واسعة تكتسي أشجارها بالخضرة، عاشت قطتان شقيتان: قطوطة بيضاء ناصعة الفراء، وفطوطة سوداء براقة العينين. كان معهما فارٌ لعين اسمه فرفور، يعشق حبك المؤامرات والثغوم بكسوة أكياس القمح المزارع قاسم. حتى جاء اليوم الذي قرّرت فيه القطتان طرد فرفور بعد أن سلب فرحتهما في المزرعة.

كمكافأة على حمايتهما للمزرعة، أحضر المزارع قاسم ثماني تفاحات لذيذة: أربع حمراء تنضح حلاوة، وأربع صفراء تشع بريقاً. بادرت قطوطة بفخر قائلة: أنا أريد التفاحات الحمراء! وهلمّا بفطوطة تردد نفس العبارة، فتنازعتهما الحماسة.

اتجهتا أولاً إلى البقرة اللطيفة لتقضي بينهما. ابتسمت البقرة وقالت: سأأكل التفاحات الصفراء كاملة، وأترك لكل منكما تفاحتين حمراوين كبيرتين. فرحت القطتان بالتقسيم، لكن سرعان ما اندلع خلاف جديد حين شملت واحدة التفاحتين الأكبر حجمًا.

أخذتا تفاحهما إلى الفرس الأنيق، عسى أن يجد حلاً. قالت الفرس بحكمة: سألتهم التفاحتين الصغيرتين وأكلهما، وأهدي كل واحدة منكن تفاحة حمراء كبيرة. تركت القطتان كلٌّ تفاحتهما أمامهما، وكان على إحداهما ورقتان خضراوان تتراقصان بخفّة.

تمسكت قطوطة بتلك التفاحة المغروسة بالورقتين الخضراوين، وفعلت فطوطة مثلها. انطلقتا بهما إلى الحمار الحكيم، الذي قال بابتسامة رقيقة: سآخذ التفاحة التي بلا ورقتين، وأقسم التفاحة الورقية بينكما. حمل نصف التفاحة لكل قطة، وكانتا متطابقتين في النصفين وزخرفتي الورقتين.

اغمرتهما فرحة حقيقية، وصرختا بصوتٍ واحد: يحيا العدل! فقد اكتشفا أن العدل ليس في أخذ الأكبر، بل في التقاسم النقي الذي يرضي القلوب.

Post a Comment

أحدث أقدم