آدم وسر كلمة كيف!

 


في قريةٍ تحفها الجبال وينبت فيها السحر مع زهور الصباح، كان آدم طفلًا صغيرًا بعيونٍ تلمع فضولًا. لم يكن طفلًا عاديًا... فقد كان يسمع كلمة "كيف؟" من أبعد الزوايا، وكأنها تناديه ليكتشف سرّها في هذا الكون الواسع.

في يومٍ ربيعيّ مشمس، خرج آدم إلى الغابة المجاورة. وهو يقفز بين الأزهار ويراقب الفراشات، سمع همسًا غريبًا... "كيف... كيف..."، ترددت الكلمة في أذنه كالنداء. تتبّع مصدر الصوت حتى وجد شجرةً ضخمة، ذات جذع عتيق وأوراق خضراء تلمع كالزمرد.

لكن المفاجأة؟ أن الشجرة... تتحدث!

قالت له بنبرةٍ هادئة: "كيف أنمو بهذا الجمال؟ كيف أصبح شجرة فريدة؟"

توقف الزمن لوهلة في ذهن آدم. ثم سأل بذهول: "لكن... كيف تستطيعين الكلام؟"

ابتسمت الشجرة وقالت: "أنا شجرة سحرية. لا أبحث عن كلمات، بل عن إجابات."

وهنا بدأت المغامرة. جلس آدم تحت الشجرة، تحدث معها لساعات، واكتشف أنها تنمو بقوة الأرض الخصبة، وضوء الشمس، وقطرات المطر. علمته كيف تمتص الجذور المغذيات، وكيف تصنع الأوراق طعامها من الضوء، وكيف يتحول كل شيء حولها إلى طاقة للنمو.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح آدم مغرمًا بعالم النباتات. لم يكن مجرد طفلٍ يزرع البذور، بل عالم صغير يدون ملاحظاته، ويسأل دائمًا: "كيف؟" وراح يراقب كل نبتة تنمو بطريقة مختلفة، ويبتسم كلما سمع الريح تهمس له بكلمة سحرية واحدة: "كيف؟"

مرت السنين، وكبر آدم، وأصبح عالم نباتات بارع. وظل يحمل تلك الكلمة في قلبه... ينشرها لكل من حوله. فكل إجابة تبدأ بـ "كيف؟"... تصنع مغامرة جديدة.

Post a Comment

أحدث أقدم